بمنع الغير إنّما هي لهما معاً ، فلا يكون في البين إلاّ استيلاء واحد قائم بهما ، وعن هذا الاستيلاء الواحد القائم بهما ينتزع الاستيلاء لكلّ منهما على النصف ، وفي الحقيقة أنّ لكلّ منهما نصف اليد ونصف الاستيلاء ونصف الملكية ، ولكن نصف اليد يكون عبارة عن اليد على نصف المال ، ونصف الاستيلاء يكون عبارة عن الاستيلاء على نصف المال ، ونصف الملكية يكون عبارة عن مالكية النصف من المال ، وكلّ هذه الجهات إنّما جاءت من اعتبار منع الغير في اليد وما تقتضيه من الاستيلاء ، وذلك ـ أعني القدرة على منع الغير ـ إنّما يعتبر في الملكية التامّة والاستيلاء التامّ ، أمّا نحن ومجرّد اليد وكشفها عن الملكية في حدّ نفسها فهي لا تقتضي الاستيلاء التامّ ولا القدرة على منع الغير.
ثمّ إنّ القدرة على منع الغير ليست عبارة عن المنع الفعلي ولا عبارة عن عدم وجود الغير فعلاً ، فلو وجدنا اثنين نائمين على بساط واحد أو في دار واحدة حكمنا بأنّ لكلّ منهما اليد ، ولو انتبها وادّعى كلّ منهما أنّه المالك وأراد طرد صاحبه لم يكن ذلك منافياً لكون كلّ منهما صاحب يد ، لا أنّه يكون كلّ منهما صاحب نصف اليد أو صاحب نصف الاستيلاء.
وعلى كلّ ، أنّ اليد والاستيلاء لا يعتبر فيهما القدرة على منع الغير ولا المنع الفعلي ولا عدم وجود الغير.
والخلاصة : هي أنّ الملاك عنده في عدم تحقّق اليد بالنسبة إلى يد زيد مثلاً على تمام المال هو أنّه لا يقدر على منع عمرو ، وعن هذا انتقلنا إلى أنّ المجموع يد واحدة على تمام المال ، وأنّ يد زيد واستيلاءه بالنسبة إلى تمام المال يد ضمنية واستيلاء ضمني ، ومرجع هذا الاستيلاء الضمني إلى استيلاء كلّ واحد منهما على النصف ، وهذا هو روح المطلب.