قلت : الوجه في الاستبعاد المذكور واضح ، أمّا الأوّل فلأنّ ظاهره الحكم منه عليهالسلام ، لا أنّهما تصالحا على ذلك. وأمّا الثاني فلأنّ تقييد الحكم المذكور باختيار كلّ منهما اليمين خلاف الظاهر ، لكن لو لم نقيّده بذلك ويكون محصّل قوله عليهالسلام « جعلتها » هو أنّه عليهالسلام له الخيار في ذلك الجعل ، فليس فيه خلاف الظاهر من هذه الجهة ، وإن كان مخالفاً له من ناحية الظهور في تعيّن الجعل المذكور ، ولا بأس به بعد الجمع بينه وبين ما دلّ على القرعة ، اللهمّ إلاّ أن يقال إنّه تبرّعي.
وكيف كان ، نحن وإن قلنا إنّه لا بأس به ، إلاّ أنّه بعد فرض أنّه لم يقل به أحد كما يستفاد من قول السيّد : ولا عامل به (١) ففيه كلّ البأس ، فالمتعيّن حينئذ هو القرعة ، فلاحظ.
وكلّ ذلك إنّما هو فرار ممّا أفاده السيّد في قضاء العروة من أنّه لم يجد به عاملاً ، وإن أمكن أن يقال كفى بالشيخ قدسسره قائلاً به سيّما مع ما ينقل من أنّ أغلب من تأخّر عن الشيخ قدسسره إنّما هو تابع له ، حتّى قيل في حقّهم إنّهم له مقلّدون ، ولو فتحنا هذا الباب ـ أعني التخيير ـ لأمكننا القول بعدم الحاجة إلى حمل إطلاقات أدلّة التنصيف على التقييد بما دلّ على التحليف.
بل يمكن أن يقال : إنّ التحليف لمن خرجت القرعة باسمه أو لمن كانت بيّنته أقوى وأكثر من هذا القبيل أيضاً ، يعني أنّه راجع إلى نظر الإمام عليهالسلام وإلى الحاكم المنصوب من قبله بالنصب الخاصّ أو العام ، ولكن مع ذلك كلّه ففي مقام العمل لا يكون العمل إلاّعلى وفق ما أفادوه من الالتزام بالتحليف في موارده ، والاعتماد في خصم المخاصمة بالقرعة لا بالتنصيف ، فإنّ العمل على طبق ذلك لا ينافي التخيير ، فلا بأس بالالتزام به في مقام العمل لكونه هو الأحوط ، وإن لم
__________________
(١) العروة الوثقى ٦ : ٦٣٩.