الظاهر هو أنّ المدّعي أقام البيّنة على دعواه وهي الأخذ بغير ثمن ، وهو عبارة عن كون المورّث غاصباً ، فتكون بيّنته حاكمة على بيّنة الوارث التي أقامها على أنّه ورثها من أبيه ولا يدري كيف كان أمرها ... إلخ ، خصوصاً إذا كان ذلك ـ أعني قوله : « ولا يدري » ـ من تتمّة البيّنة وجزءاً من شهادة الشاهد ، وكذلك لو جعلناه من مقولات الوارث بأن قرأناه مبنيّاً للفاعل ، بخلاف ما لو جعلناه من مقولات حاكي القضية وأنّه بالبناء للمفعول ، مع أنّه لو كان كذلك كانت بيّنة المدّعي حاكمة أيضاً ، وإن كانت حكومتها على الوجهين الأوّلين أوضح.
بقي الكلام في أنّ من أقرّ له صاحب اليد هل يكون صاحب يد في قبال من يدّعي العين فيما لو تداعياه وهي في يد ثالث وأقرّ هذا الثالث بأنّها لأحدهما المعيّن ، والمعروف عندهم هو ذلك ، ويمكن [ القول ] بأنّ جميع ما أفادوه في توجيه كون المقرّ له صاحب يد بحيث يكون عليه اليمين وعلى طرفه البيّنة لا يخلو من تعسّف حتّى توجيه ذلك بقاعدة من ملك ، تلك القاعدة التي هي في نفسها محل التأمّل فضلاً عن انطباقها على ما نحن فيه.
وأحسن ما يمكن أن يقال في توجيه كون المقرّ له صاحب يد بعد أن لا ريب في كون طرفه أجنبياً : هو أنّ يد الغاصب والأمين ونحوه إنّما هي يد المالك حتّى فيما لو كان المالك غافلاً أو جاهلاً بأنّها في يد هذا الثالث ، وهذا الثالث هو صاحب اليد حتّى بعد اعترافه لأحدهما وإن كانت يده هي يد المقرّ له ، وإن شئت قلت : إنّ هذا والمقرّ له تكون اليد بينهما في قبال ذلك الأجنبي الذي لا يقدر على انتزاعها منهما إلاّبالبيّنة ، وحيث إنّ هذا الثالث قد اعترف بأنّ يده على المال هي عارية أو عادية عن المالك الذي هو المقرّ له وقد صدّقه المقرّ له بذلك ، فليس إقرار هذا الثالث من قبيل مجرّد الاعتراف بسقوط يده والشهادة بأنّ المال