يدها لكان الظاهر أنّه لها ، والأمر على ما قال ، فمن أين أنّها لم تخرج عن يدها على وجه يقتضي الظاهر خلافه. وقد روي من طرق مختلفة غير طريق أبي سعيد الذي ذكره صاحب الكتاب أنّه لمّا نزل قوله تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) دعا النبي صلىاللهعليهوآله فاطمة عليهاالسلام فأعطاها فدك ، وإذا كان ذلك مروياً فلا معنى لدفعه بغير حجّة (١).
وقال ابن أبي الحديد : فلو كانت في يدها تتصرّف فيها وفي ارتفاقها كما يتصرّف الناس في ضياعهم وأملاكهم ، لما احتاجت إلى الاحتجاج بآية الميراث ولا بدعوى النحل ، لأنّ اليد حجّة ، فهلاّ قالت لأبي بكر هذه الأرض في يدي ولا يجوز انتزاعها منّي إلاّبحجّة ، وحينئذ كان يسقط احتجاج أبي بكر بقوله : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، لأنّها ما تكون قد ادّعتها ميراثاً ليحتجّ عليها بالخبر ، وخبر أبي سعيد في قوله : « فأعطاها فدك » يدلّ على الهبة لا على القبض والتصرّف ، ولأنّه يقال : أعطاني فلان كذا فلم أقبضه ، ولو كان الاعطاء هو القبض والتصرّف لكان هذا الكلام متناقضاً الخ (٢).
أقول : لا يخفى ظهور قولك « أعطاني » في القبض ، وإن لم يكن قولك « وهبني » ظاهراً في ذلك. وعدم التناقض في قولك « أعطاني فلم أقبض » إنّما هو من جهة الجمع بين القرينة وذيها ، نظير قولك : رأيت أسداً يرمي.
ثمّ إنّه لو لم يكن القبض مسلّماً عند أبي بكر وكانت الهبة مشروطة بالقبض ـ كما هو الظاهر عند كثير من العامّة وعند جميع الخاصّة ، فراجع ما نقله العلاّمة
__________________
(١) الشافي في الإمامة ٤ : ٩٨.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٨٥.