في إحقاق الحقّ في باب الهبات (١) ـ لكان الأولى له بعد قيام البيّنة على أصل الهبة والنحلة أن يطالب بالبيّنة على القبض ، لا أن يجيب عن البيّنة المذكورة بمثل تلك الترهات مثل : يجرّ النار إلى قرصه.
ولو أُجيب عن ذلك بأنّ البيّنة شهدت بالقبض أيضاً ، كان ذلك حجّة على قاضي القضاة وأصحابه ، لأنّ شهادة علي عليهالسلام بالقبض وكذا شهادة أُمّ أيمن بل وكذا بعض موالي رسول الله صلىاللهعليهوآله على ما يزعمه قاضي القضاة لا تقصر عندهم عن رواية مثل أبي هريرة وأضرابه ، فلماذا أنكر القاضي القبض واليد مع وجود تلك الشهادة منهم التي لا تقصر عن أن تكون عنده رواية من الروايات وإن كانت قاصرة عند أبي بكر.
ثمّ لا يخفى أنّ العلاّمة قدسسره قال في متن إحقاق الحقّ ما نصّه : وروى الواقدي وغيره من نقلة الأخبار عندهم وذكروه في الأخبار الصحيحة أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لمّا افتتح خيبر اصطفى قرى من قرى اليهود ، فنزل جبرئيل بهذه الآية ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) فقال : ومن ذوي القربى وما حقّه؟ قال : فاطمة ، فدفع إليها فدك والعوالي ، فاستغلّتها حتّى توفّي أبوها ( عليه الصلاة والسلام ) ، فلمّا بويع أبو بكر منعها وكلّمته في ردّها عليها وقالت : إنّهما لي ـ إلى أن قال ـ وأراد أن يكتب لها كتاباً فاستوقفه عمر بن الخطّاب وقال : إنّها امرأة فطالبها بالبيّنة على ما ادّعت ، فأمرها أبو بكر فجاءت بأُمّ أيمن وأسماء بنت عميس مع علي عليهالسلام فشهدوا بذلك الخ (٢).
ولا يخفى أنّ هذه الرواية تشهد بالقبض واليد إلى وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، ولكن ما
__________________
(١) إحقاق الحقّ ( الأصل ) : ٤٤٦ وما بعدها.
(٢) إحقاق الحقّ ( الأصل ) : ٢٩٧.