أدري أين كان هؤلاء الرواة عندما طولبت الصدّيقة بالبيّنة ، إن هي إلاّ السلطة الغاشمة التي تأخذ بأفواه الناس عن النطق بالحقّ وأداء الشهادة ، فأين كان أبو سعيد الخدري وغيره عن أداء الشهادة. نعم إنّه وغيره كتموا ما هو أعظم من ذلك ، ألا وهو بيعة الغدير ، بل كتموا ذلك حتّى في خلافة أمير المؤمنين وادّعى أبو سعيد هذا النسيان ، فرمي بما دعا به عليه أمير المؤمنين عليهالسلام.
وأمّا قول ابن أبي الحديد : فهلاّ قالت عليهاالسلام لأبي بكر : هذه الأرض في يدي ولا يجوز انتزاعها منّي إلاّبحجّة الخ (١) ، فقد قال ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام كما في رواية الاحتجاج وغيرها ممّا رواه في الوسائل في كتاب القضاء في باب وجوب الحكم بملكية صاحب اليد (٢) ، ولكن من يسمع ذلك والسلطة غاشمة.
قال ابن الأثير في الجزء الثاني : وكان نصف فدك خالصاً لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، لأنّه لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، يصرف ما يأتيه منها على أبناء السبيل ـ إلى أن قال ـ ولم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي عليهالسلام يصنعون صنيع رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد وفاته ـ إلى أن قال ـ فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة خطب الناس وأعلمهم أمر فدك ، وأنّه قد ردّها إلى ما كانت عليه مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، فوليها أولاد فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ أخذت منهم ، فلمّا كانت سنة عشر ومائتين ردّها المأمون إليهم (٣).
فانظر إلى هذا التناقض واعجب ، فإنّه يقول : إنّها خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٨٥.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٩٣ / أبواب كيفية الحكم ب ٢٥ ح ٣ ، الاحتجاج ١ : ٢٣٧.
(٣) الكامل في التاريخ ١ : ٦٠٠.