يقول إنّه صلىاللهعليهوآله والخلفاء بعده يصرفونها في أبناء السبيل ، فأين النزاع من فاطمة عليهاالسلام فيها!! ثمّ يقول إنّ عمر بن عبد العزيز ردّها إلى ما كانت عليه أيّامه صلىاللهعليهوآله وأيّام الخلفاء بعده ويقول فوليها أولادها عليهاالسلام ، فإن كانت في أيّامه صلىاللهعليهوآله لأبناء السبيل فما معنى قوله : أرجعها إلى ولد فاطمة عليهاالسلام!!
ثمّ لا يخفى أنّ الظاهر من قاضي القضاة وابن أبي الحديد أنّهما يهوّنان الخطب في فدك بإنكار القبض ، لكنّا نقول : إنّهما لو سلّما النحلة من النبي صلىاللهعليهوآله وأنكرا القبض وأبطلا هبة النبي صلىاللهعليهوآله بأنّه صلىاللهعليهوآله لم يقع منه التسليم لما وهبه ، فهلاّ كانت هذه القضية نظير القضايا التي ادّعاها أربابها على أنّ النبي صلىاللهعليهوآله وعدهم بها فأنجزوا عدته صلىاللهعليهوآله وذلك مثل قضية كرامة بنت عبد المسيح التي ادّعى شويل أنّ النبي صلىاللهعليهوآله وعده بأن تكون له إذا فتحت الحيرة ، فلمّا فتحت بعده في السنة الثانية عشر من الهجرة في أيّام عمر وادّعى هذه الدعوى وشهد له بذلك سُلّمت له كرامة المذكورة مع كونها فيئاً أو مع اشتراط لتسليمها لشويل عند كتابة الصلح كما تضمّنه تاريخ الطبري في الجزء الرابع (١). وببالي أنّ مثل ذلك وقائع أُخر لا تحضرني مواقعها فعلاً ، نعم لهم أن يقولوا : إنّ مثل تلك الوقائع كانت بعد كثرة الأموال على المسلمين مع فرض عدم أهميّة موردها ، بخلاف فدك ، لكن ذلك لا يغيّر الحكم الشرعي في مقام الترافع واستماع الشهود. نعم إنّ تحت قضية فدك مانعاً قوياً للجماعة من السماح بها ، وذلك هو تقوّي أمير المؤمنين عليهالسلام الذي كان عمدة اهتمام القوم في إضعاف جانبه.
تنبيه : قال السيّد سلّمه الله فيما حكاه عن شيخنا قدسسره : والعجب من العلاّمة الأنصاري قدسسره في المقام كيف غفل عن ذلك واحتمل كون الرواية الشريفة دليلاً
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٥٦٨ ـ ٥٦٩.