[ قاعدة الفراغ والتجاوز ]
قوله : فقد قيل بكونها من الأمارات لما فيها من الكاشفية ، فإنّ الغالب عند تعلّق الارادة ... الخ (١).
إنّ هذا المطلب قوي ومتين ، وحاصله هو تحرّك المكلّف عن تلك الارادة وإن كان قد طرأته الغفلة في أثناء استمراره على العمل ، فهو يفعل بإرادته تلك الموجودة في صقع نفسه ارتكازاً وإن كان غافلاً عنها ، وما أكثر نظائر ذلك في عالم الإنسان كما في التبادر ونحو ذلك من الارتكازيات الموجودة في صقع النفس المؤثّرة في عالم الإنسان مع غفلته عنها ، فهو فعلاً يسجد باختياره وإرادته مع فرض عدم تعلّق إرادة شخصية بذلك.
ولكن هذا كلّه نافع في تصحيح العبادة ، أما أنّه يكون موجباً لأمارية قاعدة التجاوز ففيه تأمّل ، فإنّ الغالب وإن كان هو الجري على طبق تلك الارادة المخزونة ، أو أنّها بطبعها تدفعه إلى الفعل ما لم يكن هناك طارئ يوجب عدم تأثّرها ، إلاّ أنّ ذلك كلّه إنّما يصلح وجهاً في تعبّدهم بالقاعدة المزبورة ، إذ كلّ أصل جرى عليه العقلاء لابدّ أن يوجّه بهذا النحو من التوجيهات الراجعة إلى الارتكازات العقلائية ، إذ ليس من شأنهم التعبّد الصرف بلا جهة توجبه ، أمّا مثل قوله عليهالسلام : « بلى قد ركعت » (٢) ومثل قولهم عليهمالسلام : « هو
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦١٨.
(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٧ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٣.