مورده وإن حصلت الغفلة وغيبوبتها تفصيلاً عن ذهنه لكنّها حاضرة في نفسه ارتكازاً على حذو ما ذكرناه في التبادر وغيره من الحركات الارتكازية ، وبعد الفراغ لو شكّ في إيجاد بعض تلك الأجزاء كان الأصل العقلائي أو الأمارة العقلائية قاضية بأنّه عند وصوله إلى محلّ ذلك الجزء قد انبعث إليه بتلك الارادة الكلّية الارتكازية التي كان في ضمنها إرادة ذلك الجزء عندما شرع في العمل ، فإنّه لا يترك ذلك الجزء إلاّبعارض يحول بينه وبين الانبعاث عن تلك الارادة ، بأن تغيب تلك الإرادة عن ذهنه بالمرّة ، وتكون تلك الغيبوبة التامّة ماحية لتلك الارادة عن صقع النفس بالمرّة ، وهذا خلاف العادة الجارية في من تعلّقت إرادتهم بالمركّب وشرعوا فيه واستمرّوا إلى آخر جزء منه.
ولأجل ذلك أفاد شيخنا قدسسره بأنّه لابدّ في مجرى القاعدة من كونه مراداً ضمناً لا استقلالاً ، فإنّه حينئذ يخرج عن هذا الأصل العقلائي.
وأمّا ما أفاده العلاّمة المذكور (١) من تقريب الوجه الثاني الذي اختاره ممّا حاصله أنّ المقدم على الفعل المشروط بشرط مثلاً لا يُقدم عليه إلاّمع حصول ذلك الشرط إمّا سابقاً أو مع الاقدام عليه قبل الشروع في العمل المشروط به ، فلو تمّت الغلبة في ذلك أو تمّ البناء العقلائي عليه ، فذلك على الظاهر أمر آخر غير مفاد قاعدة التجاوز أو قاعدة الفراغ ، بل هو أشبه شيء بأصالة الحمل على الصحّة وعدم المخالفة لما هو المقرّر ، سواء ذلك في عمل نفسه أو عمل غيره ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) رسالة في قاعدة الفراغ والتجاوز ( المطبوعة آخر الطبعة القديمة من نهاية الدراية ) : ٣٠٥.