قال الشيخ قدسسره في الموضع السادس الذي حرّره لما إذا كان الشكّ متعلّقاً بصحّة الجزء وقد تجاوزه إلى جزء آخر ، وأنّه هل يلحق بما لو حصل الشكّ في أصل وجوده ما هذا لفظه : لكن الانصاف أنّ الإلحاق لا يخلو عن إشكال ، لأنّ الظاهر من أخبار الشكّ في الشيء اختصاصها بغير هذه الصورة ، إلاّ أن يدّعى تنقيح المناط أو يستند فيه إلى بعض ما يستفاد منه العموم مثل موثّقة ابن أبي يعفور (١) ، أو يجعل أصالة الصحّة في فعل الفاعل المريد للصحيح أصلاً برأسه ومدركه ظهور حال المسلم ، قال فخر الدين في الإيضاح في مسألة الشكّ في بعض أفعال الطهارة : إنّ الأصل في فعل العاقل المكلّف الذي يقصد براءة ذمّته بفعل صحيح وهو يعلم الكيفية والكمّية ، الصحّة (٢). ويمكن استفادة اعتباره من عموم التعليل المتقدّم في قوله : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ » فإنّه بمنزلة صغرى لقوله : فإذا كان أذكر فلا يترك ما يعتبر في صحّة عمله الذي يريد به إبراء ذمّته ، لأنّ الترك سهواً خلاف فرض الذكر ، وعمداً خلاف إرادة الابراء (٣) ، وهو عين ما أفاده العلاّمة المذكور في هذا المقام ، فلاحظ وتأمّل.
وعلى أي حال ، لا يكون ذلك مستلزماً لكونها من قبيل الأمارة ، بل أقصى ما فيه هو أنّه صالح لعلّية البناء العقلائي أو لحكمة التشريع في ذلك البناء التعبّدي ، فلا تخرج القاعدة بذلك عن كونها أصلاً عقلائياً أمضاه الشارع أو أصلاً تعبّدياً شرعياً ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٦٩ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣.
(٣) فرائد الأُصول ٣ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.