نعم ، لو شكّ في وجود الركوع بعد الفراغ من الصلاة لكانت الكبرى المذكورة منطبقة ، باعتبار أنّ نفس الصلاة تكون مشكوكة الوجود بعد الفراغ منها ولو باعتبار أنّ الشكّ في وجودها مسبّب عن الشكّ في وجود بعض أجزائها وهو الركوع ، وحينئذ فيكون المانع من انطباق هذه الكلّية على ما ذكرناه من مثل الشكّ في وجود الركوع بعد الدخول في السجود أمرين : أوّلهما عدم دخول الجزء في عرض دخول الكل ، والثاني : هو عدم تأتّي الشكّ بعد الفراغ منه ، ولأجل ذلك احتاج قدسسره إلى التصرّف من الجهتين ، الجهة الأُولى التصرّف في ناحية الجزء بلحاظه مستقلاً ، والثانية التصرّف في ناحية الفراغ منه بالدخول في الغير المترتّب عليه ، وبعد هذين التصرّفين يكون الشكّ المذكور مصداقاً لتلك الكلّية.
قال قدسسره فيما حرّرته عنه : ثمّ إنّه كما تكون الصغرى في قاعدة التجاوز محتاجة إلى التنزيل في ناحية الجزء ، فكذلك أيضاً تحتاج إلى تنزيل آخر باعتبار الفراغ منه والتجاوز عنه ، بمعنى أنّ ذلك محتاج إلى تنزيل الجزء المشكوك منزلة الفعل المستقلّ في لحاظه شيئاً واحداً ، وبعد هذا التنزيل لا يمكن استعمال التجاوز فيه إلاّبالتنزيل أيضاً والعناية ، بحيث ينزل الدخول في جزء آخر منزلة الفراغ من الجزء المشكوك والتجاوز عنه ، فيكون الغرض من الفراغ منه أو التجاوز عنه هو التجاوز عن محلّه ، لا بمعنى الاضمار وحذف المضاف ليكون التقدير في مثل قوله عليهالسلام : « كلّ شيء شككت فيه بعد التجاوز عنه » (١) بعد التجاوز عن محلّه ، بل بمعنى التنزيل للجزء المشكوك منزلة محلّه في صحّة نسبة التجاوز إليه ، فيكون من قبيل الاستعارة على مسلك السكاكي لا من قبيل مجاز الحذف
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٧ ـ ٣١٨ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٤ ، وفيه « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ».