والاضمار.
قلت : يمكن التأمّل في الاحتياج إلى التنزيل الأوّل بعد تحقّق التنزيل الثاني بل الظاهر كفاية التنزيل الثاني ، لأنّ الشارع إذا اعتبر الدخول في الجزء المتأخّر فراغاً ومضيّاً للجزء المتقدّم ، كان ذلك كافياً في كونه شيئاً شكّ في وجوده بعد الفراغ عنه ومضيّه الذي هو مصداق هذه الكلّية ، من دون حاجة إلى لحاظ الشارع له شيئاً مستقلاً المعبّر عنه بلحاظه قبل التركيب ، بمعنى أنّ الشارع بعد أن يحكم بتلك الكبرى الكلّية يحكم ويتصرّف تصرّفاً ثانياً ويجعل الجزء من المركّب شيئاً مستقلاً ، ليكون داخلاً في قوله في تلك الكلّية « كلّ شيء شككت فيه » بعد فرض أنّه لم يكن داخلاً فيه.
ثمّ لا يخفى أنّ التنزيل الثاني ليس راجعاً إلى مرحلة لفظية كي يتكلّم في أنّه من قبيل الاستعارة على رأي السكاكي أو من قبيل مجاز الحذف ، بل هو راجع إلى مرحلة شرعية وهي أنّ الشارع نزّل الدخول في جزء آخر منزلة الفراغ والمضي عن الجزء المشكوك ليدخل في موثّقة سماعة « كلّ ما مضى فأمضه كما هو » (١) نعم إنّ قوله في مثل رواية زرارة : « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره » الخ (٢) لابدّ أن ينزّل على الاستعارة أو على مجاز الحذف في قوله : « قد جاوزه » ، وهذا البحث ـ أعني كونه من قبيل مجاز الحذف أو من قبيل الاستعارة ـ
__________________
(١) لم نجد لسماعة رواية بهذا المضمون ، نعم ورد في وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٣ ح ٣ ، عن ابن بكير عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو ».
(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٧ ـ ٣١٨ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٤. لكنّها عن إسماعيل بن جابر لا عن زرارة.