قوله : فيكون المراد من الشيء في قوله عليهالسلام : « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه » مطلق الشيء مركّباً كان أو غير مركّب ، ولا يشمل جزء المركّب بما هو جزء في عرض شموله للكل ، بل إنّما يشمله بعناية التعبّد بعد تنزيل الجزء منزلة الكل في كونه شيئاً بلحاظ المرتبة السابقة على التركيب ، فلم يستعمل الشيء في الجزء والكل في مرتبة واحدة حتّى يقال إنّه لا يصحّ إطلاق الشيء على الجزء في مرتبة إطلاقه على الكلّ ، فيرتفع الإشكال الثاني الذي هو العمدة ... الخ (١).
لا يخفى أنّ قوله عليهالسلام : « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه » إنّما وقع في ذيل رواية ابن أبي يعفور المشتملة على قوله عليهالسلام : « إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكّك بشيء ، إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه » ومن الواضح أنّ « الشيء » فيها لا يشمل الجزء ولو بعناية التعبّد بتنزيل الجزء منزلة الكل ، وإلاّ كان اللازم هو ثبوت قاعدة التجاوز في الوضوء وعدم اختصاصها بباب الصلاة ، وحينئذ فلابدّ من القول بأنّ التعبّد في التنزيل المذكور لا يجري في هذه الرواية ، بل بما عرفت من كون الضمير في قوله « وقد دخلت في غيره » راجعاً إلى الوضوء ، تكون هذه الجملة ممحضة لقاعدة الفراغ ، وأنّ الشكّ في شيء من الوضوء إذا كان واقعاً بعد الفراغ منه لم يكن ذلك الشكّ بشيء ، وإنّما يكون الشكّ مؤثّراً ومعتنى به إذا كان واقعاً في أثناء العمل ، لا ما إذا كان بعد الفراغ منه.
ومن ذلك يظهر لك أنّه بعد ما عرفت ممّا حرّرناه من تعدّد القاعدتين صغرى وكبرى ، لا يكون لنا ما يدلّ على قاعدة الشكّ في المحل في قبال قاعدة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٥.