شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو » والشكّ في وجود الجزء وإن صحّح نسبة الشكّ إلى وجود الكل باعتبار رجوعه إلى الشكّ في وجود المجموع المركّب ولو من جهة الشكّ في وجود بعض أجزائه ، إلاّ أنّ نسبة الشكّ حينئذ إلى وجود المجموع لا تخلو من مسامحة ونحو من العناية ، بخلاف نسبة الشكّ إلى نفس وجود الجزء فإنّها عارية من هذه العناية ، وحينئذ فلو أردنا الجمع في مفاد هذه الرواية الشريفة بين مفاد قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ ، كان ذلك متوقّفاً على الجمع في نسبة الشكّ إلى الضمير في قوله « فيه » بين النسبة الحقيقية والنسبة المجازية ، فلا محيص حينئذ من أخذ الشكّ منسوباً إلى ذلك الشيء على نحو مفاد كان الناقصة بقرينة قوله « ممّا قد مضى » لما عرفت فيما تقدّم من أنّ ظاهر المضي هو مضي الشيء بنفسه ، فلابدّ أن يكون المراد من الشكّ فيه الشكّ فيه على نحو مفاد كان الناقصة ، ليكون محصّله هو الشكّ في صحّته أو تماميته بعد فرض أصل وجوده في الجملة.
وقد أبدل قدسسره عبارة الصحّة فيما نقله عن الشيخ قدسسره بالتمامية (١) ، والظاهر أنّه لا فرق بينهما ، فإنّ الصحّة هي التمامية ، ولا معنى للشكّ في المركّب التامّ إلاّ الشكّ في وجود الصحيح ، فإذا فرضنا أنّ الشكّ في وجود الصحيح عبارة عن الشكّ في صحّته ، كان الشكّ في وجود التامّ عبارة عن الشكّ في تماميته ، وهو محصّل مفاد كان الناقصة.
وبالجملة : أنّه لا يخفى على من راجع أخبار المسألة أنّه لم يتضمّن شيء منها تعلّق الشكّ بنفس المركّب على نحو مفاد كان التامّة ، فإنّ الشكّ في مثل قوله عليهالسلام « كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى » وإن كان مربوطاً بذلك الماضي ، إلاّ أنّه
__________________
(١) لعلّه قدسسره يشير بذلك إلى ما في تحريراته المخطوطة عن المحقّق النائيني قدسسره.