كون الشكّ في محلّ الجزء ، وتخرج منه ما إذا كان الشكّ في الجزء بعد تجاوزه إلى جزء آخر.
ولكن لا يخفى أنّ ذلك كلّه تكلّف دعانا إليه ما أفاده من رجوع الضمير إلى لفظ الوضوء ، ولو قلنا بأنّ الضمير راجع إلى الشيء لم يكن قوله عليهالسلام « إنّما الشكّ » إلاّ نقيضاً لقاعدة التجاوز ، ونحن نلتزم بمقتضى ذلك المفهوم ، إمّا من باب أنّه قاعدة مستقلّة نعبّر عنها بقاعدة الشكّ في المحل ، أو لأنّه راجع إلى مقتضى الاستصحاب مع عدم الحاكم عليه من قاعدة التجاوز أو قاعدة الفراغ ، ولا يبقى إشكال في الرواية من هذه الجهة أعني جهة ذيلها.
نعم ، يبقى الإشكال في مفاد صدرها وهو جريان قاعدة التجاوز في الوضوء الذي لم يعملوا به ولو من جهة تقديم رواية زرارة عليه ، فأقصى ما في البين هو سقوط الصدر عن الحجّية ، وذلك لا ينافي العمل على مقتضى ذيلها ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : وأمّا الإشكال الثالث ، ففيه : أنّ التناقض في المدلول مبني على صدق الشكّ في الكل عند الشكّ في الجزء في الأثناء بعد التجاوز عن محلّ الجزء ، وهو ممنوع ، فإنّ الشكّ في الكلّ إنّما يصدق بعد الفراغ عنه ... الخ (١).
لمّا أخذ الشكّ في الكل بمعنى الشكّ في وجوده بمفاد كان التامّة الناشئ عن الشكّ في وجود جزئه ، لم يكن هذا الشكّ صادقاً عنده إلاّبعد الفراغ عن الكلّ.
وفيه : أنّه يمكن أن يقال عند الشكّ في الجزء السابق قبل الفراغ من العمل أنّه شكّ في وجوده من هذه الناحية أعني ناحية جزئه السابق المشكوك ، وإن كان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٦.