جعل المماثل ، فيكون الحاصل أنّ هذا الفرد محكوم أيضاً بمثل ذلك الحكم ، لم تكن قضيتنا قضية واحدة ، بل كانت لنا قضيتان طوليتان في مقام الإثبات وقضيتان عرضيتان متباينتان في مقام الثبوت ، وعلى هذه الطريقة من التنزيل ـ أعني طريقة جعل المماثل ـ لا يكون لنا جامع بين القضيتين لا في مقام الثبوت ولا في مقام الاثبات ، وحينئذ يبطل القول بأنّ مرجعهما إلى قضية واحدة ، فلاحظ وتدبّر.
تنبيه وتتميم : قد مرّت الاشارة بناءً على تعدّد القاعدتين إلى دعوى كون قاعدة التجاوز من الأُصول الاحرازية ، لتعرّضها لإثبات ما شكّ في وجوده مثل قوله : « بلى قد ركعت » بخلاف قاعدة الفراغ فإنّها من الأُصول غير الاحرازية لعدم تعرّضها لإثبات ما شكّ فيه ، ولأجل ذلك تكون الأُولى حاكمة على الثانية عند الاجتماع ، ولكن هذا المقدار من الفرق قابل للانكار ، فإنّ أدلّة قاعدة التجاوز وإن اشتمل بعضها على الإثبات مثل قوله « بلى قد ركعت » إلاّ أنّ الغالب منها لا تعرّض فيه لأزيد من عدم الاعتناء بالشكّ ، مثل رواية زرارة ورواية إسماعيل بن جابر.
كما أنّ روايات قاعدة الفراغ وإن كان الكثير منها خالياً من الاحراز ، إلاّ أنّ بعضها يفيد الاحراز مثل قوله عليهالسلام : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ ». وعدم تعرّض الكثير من الروايات مثل قوله « فأمضه كما هو » ونحوه لذلك ، لا ينافي ما أفادته رواية « هو حين يتوضّأ » مضافاً إلى أنّ نفس موضوع الأصل وهو الشكّ في الشيء بعد مضيّه لا يخلو عن نظر إلى الواقع وجهة تعرّض له بإحراز ونحو أمارية ، وحينئذ فلا مانع من دعوى الاحرازية في كلا الأصلين ، وأمّا وجه الحكومة عند اجتماعهما فمنشؤه هو السببية والمسبّبية ، حيث إنّ الشكّ في مورد قاعدة الفراغ مسبّب عن الشكّ في مورد قاعدة التجاوز.
وفيه تأمّل ، فإنّه بعد كون الحكم في كلّ منهما إحرازياً لا وجه لحكومة