جعله علامة لعدد الركعات من محلّ إلى محلّ آخر ، وقد نقل تلك العلامة وشكّ في السجود أو التشهّد. وهكذا الحال في الغير العقلي ، كحال نهوضه إلى القيام وقد شكّ فيما قبل ذلك من التشهّد أو السجود ، وهكذا في جميع ما هو من مقدّمات الأجزاء ، وسيأتي الكلام عن هذا الأخير في المبحث الرابع (١) إن شاء الله تعالى ، هذا.
ولكن الكلام في هذه الفروض إنّما ينفتح بناءً على كون قاعدة التجاوز قاعدة مستقلّة ، أمّا بناءً على مسلك شيخنا قدسسره من اندماجها في قاعدة الفراغ بعد تنزيل التجاوز من جزء إلى جزء آخر منزلة مضي ذلك الجزء والفراغ منه ، فينسدّ الكلام في هذه الفروض ، لأنّ هذا التنزيل إنّما ثبت من جزء إلى جزء ، دون ما لو كان الانتقال من محلّ الجزء إلى مثل هذه الأُمور العقلية والعادية ، إلاّ أن يدّعى تعميم التنزيل إلى ذلك وهو ـ أعني عموم التنزيل وشموله لمثله ـ ممنوع عند شيخنا قدسسره كما سيأتي منه في الأبحاث الآتية إن شاء الله.
قوله : إلاّ أنّه لمّا كان تحليلها التسليم كان محلّ التسليم قبل فعل المنافي ... الخ (٢).
لا يخلو هذا التوجيه لكون المنافي غيراً شرعياً وأنّ المحلّ الشرعي للتسليم قبله عن تكلّف ، ولعمري إنّ الالتزام بالاكتفاء بالغير العادي في تحقّق التجاوز كما مرّ فيما تقدّم من أمثلة العاديات الواقعة في أثنائها ممّا لا يكون منافياً لها أهون منه ، وأهون من ذلك هو الاكتفاء بقاعدة الفراغ من الصلاة ، ودخول هذه الصلاة التي شكّ في تسليمها بعد أن دخل في منافيها تحت ما مضى في قوله « كلّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٣٣ وما بعدها. وراجع الصفحة ٣٣٦ وما بعدها من هذا المجلّد.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٩.