زرارة الواردة في باب الوضوء كي يمكن الجواب عنهما بما ذكرناه من المناقشة في الدلالة أوّلاً ، وبكون ذلك مختصّاً بباب الوضوء ثانياً ، وذلك لعدم تأتّي هذين الجوابين في الروايتين السابقتين ـ أعني رواية إسماعيل بن جابر ورواية زرارة ـ في باب الصلاة.
نعم ، قد عرفت أنّ ذلك أعني اعتبار الدخول في الغير لا أثر له في موارد الشكّ في غير الجزء الأخير ، لأنّ ما بعد السلام غيرٌ لكونه حالة تحليل ، وإنّما يظهر أثره في غيرها من المركّبات مثل الوضوء والتيمّم والغسل ولو الارتماسي منه إذا شكّ في صحّته بعد الفراغ منه ولو من جهة الحاجب ونحوه ، فلا محيص من الالتزام باعتبار الدخول في الغير في أمثال هذه المركّبات بناءً على ما أُفيد من كون الكبرى الكلّية التي اشتملت عليها رواية زرارة وإسماعيل بن جابر هي الكبرى الوحيدة ، وأنّها شاملة لكلّ مركّب ، وأنّ ورودها في مورد الصلاة لا يوجب اختصاصها بها.
والذي تلخّص : هو أنّه لو كان الشكّ في غير الجزء الأخير كان جريان القاعدة متوقّفاً على الدخول في الغير سواء في ذلك الصلاة وغيرها ، غير أنّه في الصلاة يكون حاصلاً قهراً بمجرّد السلام ، بخلاف باقي المركّبات ، أمّا لو كان الشكّ في الجزء الأخير فلابدّ من الدخول في الغير أيضاً ، ولابدّ أن يكون مترتّباً عادياً.
قوله : المبحث الرابع : قد اختلفت كلمات الأعلام في الغير الذي يعتبر الدخول فيه في قاعدة التجاوز ، فقيل إنّه مطلق الغير سواء كان من الأجزاء أو من المقدّمات كالهوي والنهوض ... الخ (١).
قد عرفت أنّه بناءً على تعدّد القاعدتين يكون لنا عمومان ، أحدهما عموم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٣٣.