دخل في فعل آخر أي خرج من شيء ودخل في آخر.
ثمّ لا يخفى أنّ الذي يظهر ممّا حرّرته عنه قدسسره في توجيه خروج المقدّمات وأجزاء الأجزاء عن قاعدة التجاوز ، أنّ الكبرى الكلّية التي تتضمّنها رواية زرارة (١) ورواية إسماعيل بن جابر (٢) هي كبرى قاعدة الفراغ التي هي القدر المشترك بينها وبين صغريات قاعدة التجاوز ، وأنّ محطّ التنزيل ولحاظ الاستقلالية إنّما هو في نفس الأمثلة المذكورة في الروايتين ، ولا بأس بنقل ذلك برمّته تعميماً للفائدة وهذا نصّه : إنّك قد عرفت أنّه ليس لنا إلاّكبرى واحدة وهي القاعدة الملحوظ فيها جملة العمل شيئاً واحداً ، وأنّ الأجزاء قبل لحاظ التركيب خارجة عن هذه القاعدة ، إلاّ أنّه في خصوص الصلاة دلّ الدليل على دخول أجزائها في هذه الكبرى بتنزيل الشارع وعناية منه ، وهي لحاظه كلّ واحد من تلك الأجزاء شيئاً واحداً ، وهو المعبّر عنه فيما تقدّم منّا بلحاظها قبل التركيب ، وبهذه العناية تدخل أجزاء الصلاة في الكبرى القائلة : « كلّ شيء شككت فيه وقد خرجت عنه إلى غيره » فيكون دخول الأجزاء الصلاتية في هذه الكبرى بواسطة النصّ المتضمّن لما ذكرناه من التنزيل المذكور ، ويكون دخولها هو المحتاج إلى الدليل ، لا أنّ إخراج أجزاء الطهارات من هذه الكبرى هو المحتاج إلى الدليل.
وحينئذ نقول : لو لم يكن لنا تلك الأدلّة المتضمّنة للعناية المذكورة ، أعني مثل صحيحة زرارة ورواية إسماعيل بن جابر المتضمّنة لذلك ، وبقينا نحن وعموم « كلّ شيء خرجت منه وشككت فيه بعد الدخول في غيره » لكان العموم المذكور غير شامل للأجزاء الصلاتية ، إلاّ أنّه بعد أن وردت تلك الأدلّة الدالّة على
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٣ ح ١.
(٢) المتقدّمة في الصفحة : ٣٣٨.