العناية المذكورة كانت الأجزاء الصلاتية داخلة في العموم المذكور ، فلابدّ حينئذ في دخولها من اتّباع مقدار دلالة تلك الأدلّة ، فنقول : إنّ لجريان العناية المذكورة في الأجزاء الصلاتية مراتب : جريانها في الأجزاء المستقلّة بالتبويب ، وجريانها في أجزاء الأجزاء مثل الآيات بالنسبة إلى السورة ، وجريانها في أجزاء أجزاء الأجزاء مثل الكلمات بالنسبة إلى الآيات ، وهكذا إلى أن تنتهي النوبة إلى الحروف بالنسبة إلى الكلمات ، وبعد تعيين المرتبة التي هي محط تلك العناية تكون تلك المرتبة هي المعتبرة في الغير الذي دخل فيه ، فإنّ ذلك هو الظاهر من مقابلة الغير للشيء الذي شكّ فيه.
فنقول : إنّ صحيحة زرارة لم تدلّ على أزيد من كون العناية باعتبار المرتبة الأُولى كما هو الظاهر من الأمثلة المذكورة فيها ، فلا يكون الداخل في هذا العموم من تلك الأجزاء إلاّما يكون مستقلاً بالتبويب ، فلا يكون جزء الجزء داخلاً حتّى الآيات بالنسبة إلى السورة (١).
ثمّ إنّ رواية إسماعيل بن جابر لمّا لم يذكر فيها النهوض ، بل إنّما كان الشكّ في السجود داخلاً في هذه القاعدة بمقتضى هذه الرواية إذا كان بعد القيام ، دلّت على أنّه لا يكفي في ذلك الغير كونه من المقدّمات ، انتهى.
ولا يخفى أنّ هذا الكلام يدلّ على أنّ نظره قدسسره هو أنّ الكلّية المذكورة في
__________________
(١) تنبيه : قد يشكل على ما أُفيد من انحصار الشيء في الأجزاء المستقلّة بالتبويب بمثل ما لو شكّ في آخر القراءة وهو في القنوت مثلاً ، فإنّ الآية الأخيرة من السورة ليست من تلك الأجزاء المستقلّة. ويمكن الجواب عنه بأنّ الشكّ حينئذ يكون متعلّقاً بنفس القراءة ولو باعتبار جزئها ، نظير ما أُفيد من توجيه قاعدة الفراغ بأنّ الشكّ قد تعلّق بوجود الكلّ ولو بواسطة الشكّ في وجود جزئه أو شرطه [ منه قدسسره ].