من جهة كونها مشروطة به ، وهذا المقدار لا دلالة له على أنّ له محلاً مقرّراً قبل الصلاة ، لقوّة احتمال أن يكون الأمر به قبل الصلاة من جهة حكم العقل بتقدّمه على الصلاة آناً ما كتقدّم الاستقبال والتوجّه إلى القبلة قبل الدخول فيها آناً ما ، ومجرّد ذلك لا يكون محقّقاً للمحلّ الشرعي للوضوء ، وأمّا صلاة الظهر فأقصى ما يدلّ عليه قوله عليهالسلام : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (١) هو لزوم امتثال أمر الأُولى قبل امتثال أمر الثانية ، وهذا المقدار لا يحقّق كون محلّها الشرعي قبل الثانية.
قلت : لا يخفى أنّ الحكم في قاعدة التجاوز غير معلّق في أخبارها على المحلّ الشرعي ، بل إنّما أقصى ما في تلك الأخبار أن يكون الشكّ في الشيء بعد الدخول في غيره ، وهذا المقدار متحقّق في المثالين المذكورين.
بل يمكن أن يقال : إنّ دليل الترتيب في باب الظهر والعصر دالّ على أنّ محلّ الظهر شرعاً قبل العصر ، ولعلّه قدسسره لأجل ذلك عدل عن هذه الطريقة إلى طريقة كونهما من الأفعال الاستقلالية ، وقد عرفت أنّه إنّما يسلم في الظهر دون الوضوء.
فالأولى أن يستند في عدم جريان القاعدة في الوضوء إلى أنّ الشرط ليس هو هذه الأفعال ، وإنّما الشرط هو أثرها وهو كونه متطهّراً من الحدث حتّى لو كان واجداً لهذا الشرط من جهة أُخرى ، كأن يكون قبل دخول الوقت متوضّئاً لصلاة سابقة ، وذلك لا ينافي كون المأمور به بالأمر الغيري هو نفس الأفعال فيما لو لم يكن ذلك الشرط حاصلاً كما هو مورد الآية الشريفة ، بناءً على تفسيرها بالقيام من النوم.
والحاصل : أنّ كون المأمور به بالأمر الغيري هو نفس الأفعال ، بحيث إنّه
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ : ١٢٦ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥.