عند الشكّ في الأقل والأكثر منها يكون المرجع هو البراءة ، لا ينافي كون القيد والشرط الحقيقي هو نفس الطهارة التي هي أثر تلك الأفعال ، لأنّ إجراء البراءة في الزائد ينقّح أنّ الأقل هو المأمور به بالأمر الغيري وأنّه يترتّب عليه ما هو الشرط والقيد الحقيقي للصلاة ، فتأمّل فإنّ دعوى عدم المنافاة بين هذين المطلبين ـ أعني مطلب الرجوع إلى البراءة في مسألة الأقل والأكثر في باب الوضوء ، ومسألة كون الشرط الحقيقي هو نفس الأثر الذي هو الطهارة من الحدث ـ لا تخلو من إشكال.
ويمكن التفصيل بين ما لو دخل في الصلاة وقد علم أنّه لم يتطهّر لهذه الصلاة لكنّه احتمل أنّه كان واجداً للطهارة في صلاة سابقة مثلاً ، فلا تجري فيه قاعدة التجاوز لعدم كون محلّ طهارته في هذه الصورة قبل هذه الصلاة ، وبين ما لو علم بأنّه في السابق لم يكن متطهّراً واحتمل أنّه تطهّر لهذه الصلاة فتجري فيه قاعدة التجاوز.
وأمّا حديث الاستقلال بالارادة فقد عرفت أنّه إنّما يؤثّر في ناحية الظهر بالنسبة إلى العصر دون الوضوء بالنسبة إلى الصلاة. نعم يمكن أن يرجع في مسألة الظهر والعصر إلى أمر آخر غير قاعدة التجاوز ، وذلك الأمر الآخر هو أنّ الدخول في المرتّب على الشيء لا يكون إلاّبعد الاتيان بذلك الشيء ، فيكون الدخول في المرتّب كاشفاً عن الاتيان بالمرتّب عليه بنحو من الكشف الأماري أو بنحو من التعبّد العقلائي ، والملاك في هذا الأمر غير ما هو الملاك في قاعدة التجاوز ، فإنّ الملاك في قاعدة التجاوز هو أنّ تعلّق الارادة بالمركّب يلزمه تعبّداً أو أمارةً الجريَ على طبق تلك الارادة في أجزاء ذلك المركّب ، فلو أردنا أن ندخل ما نحن فيه في تلك القاعدة ، كان علينا أن ندّعي وحدة المجموع من صلاة الظهر والعصر وحدة عرفية ناشئة من ارتباط الثانية بالأُولى ولو من جهة ترتّبها