ثمّ لا يخفى أنّ مسائل السهو والغفلة في هذا المقام لمّا كانت رواية لا تعاد متكفّلة لها لم يكن لذكرها كثير فائدة ، فالعمدة هو صرف الكلام إلى فروع الجهل التي يمكن أن تكون مشمولة لقوله عليهالسلام في هذه الصحيحة : « أو لا يدري » وهي كثيرة ، فينبغي أن نحرّرها في مسائل.
الأُولى : هل هذا الحكم ـ أعني معذورية الجاهل ـ مختصّ بالركعتين الأُوليين أو يشمل الأخيرتين؟ ربما يتوهّم الاختصاص من جهة انصراف ينبغي ولا ينبغي إلى ما يكون مورداً للجهر والاخفات ، وهو خصوص الأُوليين. وفيه : أنّ هذا الانصراف لا وجه له ، وأنّ السؤال وكذلك الجواب مطلق من هذه الجهة ، فلا اختصاص لخصوص الأُوليين.
الثانية : أنّه ربما يتوهّم أنّ المعذورية إنّما تكون لو كان الالتفات بعد الفراغ ، بدعوى استفادة ذلك من قوله : أي شيء عليه (١) والحقّ أنّه لا فرق بين كون الالتفات بعد الفراغ أو في الأثناء ، حتّى أنّه لو خالف جهلاً في كلمة واحدة وبعد الفراغ منها التفت لم تجب عليه الاعادة ، عملاً بالاطلاق المذكور في السؤال والجواب.
الثالثة : الظاهر أنّه يفرق في هذا الحكم بين كون وجوب أحد الأمرين بالأصالة أو بالعارض ، كما في قراءة المأموم بناءً على كون الاخفات فيها واجباً وأنّ وجوبه يكون شرطاً في صحّة الصلاة ، فلو كان جاهلاً وأجهر كان معذوراً ، فإنّ الظاهر عدم شمول الصحيحة المذكورة لمثل هذه الصورة ، لانصراف الاطلاق
__________________
(١) [ هكذا في الأصل. والمذكور في صحيحة زرارة : فإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أولا يدري فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته ].