الأُولى أنّه تعمّد الاخفات في موضع الجهر ، لم تصدق هذه القضية إلاّبعد هذين القيدين ، أعني الالتفات إلى أنّه أخفت والالتفات إلى أنّه أخفت في موضع الجهر ، فلو كان جاهلاً بأصل وجوب الجهر لم يكن متعمّداً ، كما أنّه لو كان عالماً بوجوب الجهر في الجملة إلاّ أنّه لم يكن عالماً بوجوبه في هذه الفريضة ، لم يكن متعمّداً في إخفاته في موضع الجهر ، بمعنى أنّه لم يتعمّد إلى جهة كون محلّ إخفاته هو موضع الجهر ، فيكون من علم بأصل وجوب الجهر والاخفات في الجملة ، ولكنّه تخيّل أنّ ذوات الجهر هي الصلوات النهارية وذوات الاخفات هي الصلوات الليلية ، وصلّى على طبق تخيّله ، لا يكون داخلاً في قوله عليهالسلام « متعمّداً » وحينئذ فيكون داخلاً في قوله عليهالسلام « لا يدري » وهكذا الحال في الجاهل بمعنى الجهر والاخفات لا يكون داخلاً في العامد ، بل وكذا الشاكّ في الحكم ، بل وفي الموضوع لو أمكن منه نيّة القربة وخالف الواقع أيضاً لا يكون داخلاً في العمد ، وكذلك ناسي الحكم لا يكون داخلاً في العمد ، لأنّه في حال نسيانه جاهل بالحكم.
وحاصل الكلام : أنّ التعمّد يحتاج إلى قيود ثلاثة : العلم بالوجوب ، والعلم بحقيقة الجهر والاخفات ، والعلم بمحلّ كلّ منهما ، فعند اجتماع هذه الأُمور يكون مصداقاً لقوله عليهالسلام « متعمّداً » أمّا إذا اختلّ أحد هذه الأُمور كان خارجاً عن العامد ، ويكون داخلاً في قوله عليهالسلام « لا يدري » من دون فرق في جميع ذلك بين أن يكون قاصراً أو مقصّراً ، ولا وجه لتخصيصه بالقاصر. نعم لو كان مقصّراً كان معاقباً ، وحينئذ يتوجّه الإشكال المشهور وهو أنّه كيف يكون معاقباً مع الحكم بصحّة صلاته وعدم وجوب الاعادة عليه ، وقد تصدّى الأساطين لدفعه بطرق