الاستصحاب في حدّ نفسه لا يقتضي وحدة الموضوع ، وكان مقتضى دليله هو الشمول لما كان الموضوع فيه مختلفاً ، يكون مرجع الحكم الاستصحابي ببقاء ذلك المحمول إلى الحكم التعبّدي بنقل ذلك المحمول من موضوع القضية المتيقّنة إلى موضوع القضية المشكوكة المفروض كون أحدهما مغايراً للآخر.
ولا دافع لهذه الدعوى ، إلاّ أنّ الاستصحاب بنفسه يقتضي وحدة الموضوع في القضيتين ، ومجرّد استحالة نقل المحمول من موضوع إلى موضوع آخر لا تدفع ذلك ، لما عرفت من إمكان ذلك تعبّداً الذي يكون مرجعه إلى التوسّع في الموضوع ، وإن لم يكن ممكناً حقيقة ووجداناً من دون التصرّف الشرعي في ناحية الموضوع.
وبالجملة : أنّ الحجر الأساسي للوحدة المذكورة هو أنّ الاستصحاب بنفسه يقتضيها لا أمراً آخر غير نفس الاستصحاب ، ولأجل ذلك نقول إنّ هذه الوحدة من القضايا التي قياساتها معها.
قوله : أو شكّ في نجاسة الماء لأجل الشكّ في بقاء تغيّره ... الخ (١).
لا يبعد أن يكون المراد من التغيّر هو الاضافة ، كما لو كان الماء مسبوقاً بالاضافة وقد لاقته نجاسة وشكّ في تنجّسه لأجل الشكّ في بقاء إضافته ، فإنّه حينئذ يحكم بنجاسته لاستصحاب إضافته ، إذ لو كان المراد من التغيّر هو التغيّر بالنجاسة لم يكن الحكم بنجاسته متوقّفاً على استصحاب تغيّره ، فإنّه يبقى على النجاسة وإن زال تغيّره ، اللهمّ إلاّ أن يكون المثال في الكر المتغيّر بناءً على زوال النجاسة بزوال تغيّره ، وهذا هو الذي يظهر من الرسائل (٢) فراجع. وعلى كلّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦٦.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢٩٢.