ولكن النفس لا تكاد تكون قانعة بذلك ، أمّا الصورة الأُولى فلما نراه بالوجدان من كون نسبة الحياة إلى العدالة كنسبة القابلية ، فيكون الشكّ في الحياة موجباً للشكّ في بقاء العدالة ، ويكون الشكّ في العدالة في طول الشكّ في الحياة لا في عرضه ، لما عرفت من الطولية بين الحياة والعدالة ، وليسا من قبيل العرضيين المتلازمين.
وفيه إشكال من جهة أُخرى وهي أنّ نسبة الحياة إلى العدالة كنسبة الموضوع إلى الحكم ، ولا يصحّ استصحاب الحكم الذي هو العدالة مع الشكّ في بقاء الموضوع الذي هو الحياة ، وهذه الجهة جارية ومانعة من استصحاب العدالة حتّى فيما لو كانت عدالة الشخص تمام الموضوع للحكم الشرعي.
وأمّا في الصورة الثانية فلقضاء الوجدان بعدم معقولية الشكّ في بقاء العدالة وعدم طروّ الفسق ما لم تكن الحياة محرزة ، فلا يكون استصحاب العدالة إلاّ متأخّراً في الرتبة عن استصحاب الحياة ، غايته أنّه متأخّر عنه في الصورة الأُولى برتبة واحدة ، وفي الصورة الثانية برتبتين ، وذلك مانع من التئام الموضوع المركّب من الحياة والعدالة ، لأنّه إنّما يتمّ ذلك فيما لو كان إحراز أحدهما في عرض إحراز الآخر ، وقد عرفت أنّ استصحاب العدالة على تقدير الحياة لا محصّل له ، وكون القضية تعليقية لا أثر له في المقام من كون المستصحب فعلياً ، فلاحظ وتدبّر.
وأمّا ما أفاده العلاّمة الأصفهاني قدسسره في حاشيته (١) ممّا يظهر منه استدراك البقاء في باب الاستصحاب وأنّ المدار على وحدة القضية المتيقّنة والقضية المشكوكة ، بأن يكون متعلّق شكّه هو نفس القضية التي تعلّق بها يقينه ، ولا يعتبر
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٢٢٦.