الفراغ شكّ في قطعه السابق. نعم لو احتمل مع ذلك أنّه توضّأ تجديداً في المثال الأوّل أو احتياطاً في المثال الثاني ، جرت في حقّه قاعدة الفراغ.
ومن ذلك يظهر أنّ الوجه الرابع يمكن أن يتأتّى فيه الوجهان ، أعني انحفاظ صورة العمل كما في الأمثلة التي ذكرت في الكتاب وكما في المثال الأوّل الذي ذكرناه ، وعدم انحفاظ صورة العمل كما في المثال الثاني.
ولا يخفى أنّ جريان قاعدة الفراغ في صورة احتمال الوضوء التجديدي أو في صورة احتمال الوضوء الاحتياطي إنّما هو بناءً على ما أفاده قدسسره من أنّ الضابط هو عدم انحفاظ صورة العمل ، أمّا بناءً على ما ذكرناه من أنّ الضابط هو طروّ احتمال النسيان ، فالظاهر هو عدم جريانها ، لأنّ تركه للوضوء في هاتين الصورتين لم يكن عن نسيان له ، وإنّما يكون من جهة قطعه السابق أو استصحابه للطهارة.
قوله : المبحث السابع : لا تجري قاعدة الفراغ والتجاوز في حقّ من يحتمل الترك عمداً ، فإنّ الظاهر من قوله عليهالسلام : « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه » الخ ، وقوله : « كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك » الخ هو اختصاص القاعدة بصورة احتمال الترك غفلة عن نسيان خصوصاً قوله : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ » (١).
الأذكرية عند العمل كما تطرد احتمال النسيان فكذلك تطرد احتمال تعمّد الترك ، فإنّ المنظور إليه هو الانبعاث عن تلك الارادة التي تعلّقت بالمركّب ، وأنّها تؤثّر في محلّ كلّ جزء بتوليد إرادة ضمنية متعلّقة بذلك الجزء ، وهذه الجهة كما
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٥٢ ـ ٦٥٣.