قوله : فنقول قد اختلفت كلمات الأعلام في حكومة أصالة الصحّة في العقود على جميع الأُصول الموضوعية المقتضية لفساد العقد ، والمتحصّل من الكلمات أقوال ثلاثة : الأوّل حكومتها على كلّ أصل يقتضي فساد العقد سواء كان الأصل جارياً في شرائط ... الخ (١).
لا يخفى أنّهم قسّموا الشروط في باب المعاملات إلى ثلاثة أقسام : شروط نفس العقد ، وشروط المتعاقدين ، وشروط العوضين. والأولى جعل هذه الأقوال الثلاثة واردة على حسب هذه الشروط ، فيكون القول الأوّل عبارة عن إجراء أصالة الصحّة مطلقاً في الجهات الثلاثة ، بمعنى إجرائها عند الشكّ في شرائط العقد والشكّ في شرائط العوضين والشكّ في شرائط المتعاقدين ، سواء كان في قبالها أصل موضوعي ينفي الشرط المحتمل أو لم يكن في البين إلاّمجرّد أصالة عدم النقل والانتقال ، والقول الثاني عبارة عن إجرائها في خصوص الشكّ في شرائط العقد دون الشكّ في شرائط العوضين أو شرائط المتعاقدين ، سواء كان في البين أصل موضوعي أو لم يكن ، والقول الثالث عبارة عن القول الأوّل إلاّفي إخراج ما يكون شرطاً عرفياً للعوضين كالمالية أو للمتعاقدين كالبلوغ والرشد.
وبالجملة : ليس المدار في هذه الأقوال هو حكومتها على الأصل الموضوعي وعدمه ، بل المدار فيها هو جريانها في هذه المراتب من الشروط. نعم بعد فرض جريانها في مرتبة من هذه الشروط تكون حاكمة على الأصل الموضوعي فيها ، لكن مع فرض القول بعدم جريانها في مرتبة من هذه المراتب لا يمكن حينئذ الرجوع إلى أصالة الصحّة في تلك المرتبة حتّى لو لم يكن في البين أصل موضوعي ، بل في صورة عدم وجود الأصل الموضوعي يكون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٥٥.