البلوغ فيه من قبيل شرط القابلية في ناحية النقل والانتقال الذي هو مؤدّى عقد البيع ، إلاّ أنّه ـ أعني البلوغ ـ بالنسبة إلى عقد الوكالة لا ينبغي التأمّل في كونه من قبيل شرط القابلية ، حيث إنّه لابدّ في عقد الوكالة من قابلية الوكيل لأن يصدر منه ما وكّل فيه ، وبعد فرض اشتراط البلوغ في عقد البيع لا يكون غير البالغ متمكّناً من إيقاعه ، وحينئذ يكون غير البالغ خارجاً عن قابلية إيقاع عقد البيع ، فلا يمكن إيقاع وكالته على البيع ، ويكون البلوغ بالنسبة إلى عقد الوكالة شرطاً في القابلية ، فلا يمكن التمسّك بأصالة الصحّة في عقد الوكالة عند الشكّ في بلوغ الوكيل ، كما لا يمكن ذلك عند الشكّ في بلوغ الموكّل.
نعم ، بعد فرض عدم جريان أصالة الصحّة في عقد الوكالة يكون المرجع في عقدها إلى أصالة عدم ترتّب الأثر الذي هو الوكالة ، ومقتضاه وإن كان هو عدم صحّة البيع ، لكن أصالة الصحّة فيه يمكن القول بأنّها نافعة في الحكم بصحّة ذلك البيع بعد فرض كون بلوغ الوكيل العاقد لم يكن من شروط القابلية بالقياس إليه فتأمّل.
قوله في الهامش في وجه التأمّل : وجهه هو أنّه يمكن دفع التنافي بين الكلامين ... الخ (١).
لا يخفى أنّه عند الشكّ في بلوغ أحد المتعاقدين مع فرض كون الآخر بالغاً إن كان المراد من أصالة الصحّة هي صحّة عمل البالغ الذي هو الايجاب فتلك صحّة تأهّلية لا دخل لها بناحية القبول ، فإنّها متحقّقة وجد القبول أو لم يوجد أو وجد فاسداً. وإن كان المراد صحّة مجموع العقد تطرّق إليه الإشكال في أنّ البلوغ من شروط القابلية ، فلا تجري فيه أصالة الصحّة ، فليس المانع من التمسّك
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ ( الهامش ) : ٦٦٢.