بصحّته في الشهر الأوّل كان المتيقّن هو أنّ المستأجر ملك منفعة الشهر الأوّل ، إمّا بالدرهم أو بنصف سدس الدينار ، ومن هذه الجهة يكون المالك مدّعياً ، لأنّه يطالب بالدرهم والمستأجر ينكر ذلك ويعترف له بنصف سدس الدينار والمالك ينفيه عن نفسه ، وأمّا من جهة الزائد على الشهر الأوّل فإنّ المدّعي هو المستأجر والمالك ينكر ذلك. وعلى كلّ حال ، أنّ أصالة الصحّة لا تكون نافعة في النزاع الأوّل ولا في النزاع الثاني.
ويحتمل أن يكون الوجه في صحّة الشهر الأوّل هو أنّ وجه البطلان لا يتأتّى فيه ، حيث إنّ وجه البطلان هو الغرر على المالك وأنّه لا يعرف مقدار ما هو ملزم به ، كما أنّ المستأجر أيضاً لا يعلم مقدار ما هو ملزم به من الثمن ، أمّا بالنسبة إلى الشهر الأوّل فلا شكّ عندهما في أنّهما ملزمان به ، وفيه ما لا يخفى كما هو واضح.
قوله بعد الفراغ عن شرح ما أفاده في جامع المقاصد في شرح الوجه في توقّفه عن إجراء أصالة الصحّة : وبذلك يظهر أنّه يصحّ الاستشهاد على عدم حجّية مثبتات أصالة الصحّة بما ذكره العلاّمة في الفرع الأوّل أيضاً ... الخ (١).
قال في جامع المقاصد في شرح قول العلاّمة قدسسره « ففي تقديم قول المستأجر نظر » : ينشأ من أنّه مدّع للصحّة وهي موافقة للأصل ، فيكون هو المنكر فيقدّم قوله باليمين ، ومن أنّه مع ذلك يدّعي أمراً زائداً وهو استيجار سنة بدينار والمالك ينكره فلا يقدّم قوله فيه ، لأنّ الأصل عدمه ، ولأنّ الأُمور المعتبرة في العقد لم يقع الاتّفاق عليها فلم يثبت سببيته ، وتقديم قول مدّعي الصحّة فرع ذلك
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٦٨.