كما حقّقناه في المسألة السابقة ، فعدم تقديم قوله أوجه (١).
قلت : أمّا الوجه الثاني الذي ركن إليه في المنع من جريان أصالة الصحّة فهو على الظاهر لا دخل له بالأصل المثبت ، بل هو راجع إلى ما اعتبره في جريان أصالة الصحّة من إحراز الأركان ، فيكون مرجع هذا الوجه إلى المنع من جريان أصل الصحّة.
وأمّا الوجه الأوّل وهو دعوى المستأجر أمراً زائداً وهو مالكية منفعة السنة بدينار ، فالظاهر أنّه كذلك لا دخل له بكون الأصل مثبتاً ، بل الظاهر أنّه مبني على دعوى استحقاق ذلك الأمر الزائد وأنّ المالك ينكره وينفيه ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا الأمر الزائد لمّا كان أمراً خارجاً عن مقتضى أصالة الصحّة وكان ملازماً لصحّة الاجارة ، لم يمكن الحكم بترتّبه على أصالة الصحّة فيها إلاّبالأصل المثبت ، وحيث إنّا لا نقول بحجّية الأصل المثبت يكون المرجع في هذا الأمر الزائد الذي [ هو ] مركز الدعوى هو أصالة عدمه ، على حذو ما ذكرناه في دعوى البائع صحّة العقد لكونه قد وقع على كون الثمن ديناراً ، ودعوى المشتري فساده لكون الثمن كان خمراً.
وبالجملة : أنّ المسألة فيما نحن فيه نظير تلك المسألة في عدم إثبات أصالة الصحّة لكون البائع مستحقّاً للدينار الذي هو لازم أصالة الصحّة ، فإنّ كلا المسألتين من وادٍ واحد وهو تردّد العوض بين موجب الفساد وموجب الصحّة ، وأصالة الصحّة لا تثبت الثاني ، فلا ريب في كون أصالة صحّة الاجارة بالنسبة إلى إثبات كون العوض هو منفعة السنة من قبيل الأصل المثبت.
نعم ، يبقى الكلام في أنّ مراد جامع المقاصد هو هذه الجهة ، أو أنّ مراده
__________________
(١) جامع المقاصد ٧ : ٣٠٨.