أمر آخر وهو الركون إلى أصالة العدم في استحقاق ذلك الزائد. وعلى كلّ حال ، فالذي يمكن أن يكون راجعاً إلى إعابة أصالة الصحّة بكونها مثبتة إنّما هو الوجه الأوّل دون الوجه الثاني كما يظهر من هذا التحرير.
قوله : أقول ولو فرض أنّ قيمة الدينار كانت اثني عشر درهماً لا يحصل الاتّفاق بينهما في الشهر الأوّل ... الخ (١).
الظاهر أنّه لو قال آجرتك كلّ شهر بدرهم فقال المستأجر بل آجرتني سنة باثني عشر درهماً ، لا يحصل الاتّفاق بينهما على الشهر الأوّل ، وذلك لأنّ المالك يدّعي فساد العقد بالمرّة ، فلا تصحّ الاجارة حتّى في الشهر الأوّل ، والمستأجر يدّعي صحّتها في تمام السنة ، فكيف يكونان متّفقين على أنّ المستأجر ملك منفعة الشهر الأوّل بدرهم. نعم إنّهما قد اتّفقا على أنّ الشهر الأوّل قد وقع تحت الاجارة ، فالمالك يدّعي وقوعه تحتها فاسدة في ضمن مجموع الاجارة لكلّ شهر درهم ، والمستأجر يدّعي وقوعه تحتها صحيحة في ضمن مجموع إجارة السنة ، غايته أنّه قد وقع النزاع بينهما في صحّة إجارة ذلك الشهر وفساده ، وحيث إنّ المستأجر يدّعي الصحّة فالقول قوله في خصوص الشهر الأوّل وإن قدّمنا قول المالك في بقية جهات النزاع ، ولا ينتقض ذلك بضمّ الشهر الثاني إلى الأوّل بأن يقال إنّهما اتّفقا على وقوع الشهرين تحت الاجارة الخ ، لأنّهما لم يتّفقا على وقوع الاجارة على الشهرين متّصلين ، فإنّ المالك يدّعي أنّ كلّ شهر على حدة ، والمستأجر يدّعي انضمام الثاني إلى الأوّل.
نعم ، قد أورد عليه في جامع المقاصد بما حاصله أنّه بعد تقديم قول المالك استناداً إلى أصالة عدم الانتقال بعد سقوط أصالة الصحّة يكون العقد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٦٨.