ومنه يظهر أنّ هذا الذي أفاده قدسسره من الايراد على جامع المقاصد قد صرّح به هو في إيراده الأوّل على عبارة العلاّمة قدسسره. وأمّا إيراده الثاني على العبارة فهو راجع إلى الإشكال على جريان أصالة الصحّة في أمثال هذه الموارد ممّا يكون الشكّ في الصحّة فيه ناشئاً عن الشكّ في تحقّق ما هو الركن.
قوله : إذا لم يكن في البين أصل موضوعي آخر ، كما إذا كان الشكّ متمحّضاً في شرائط العقد من العربية والماضوية والصراحة ونحو ذلك ... الخ (١).
قد يتصوّر الأصل الموضوعي في شرائط العقد غير أصالة عدم الانتقال ، كما في ذكر المهر في العقد المنقطع فإنّه شرط للعقد ويجري فيه الاستصحاب العدمي عند الشكّ في ذكره ، وكما في موارد الشكّ في الموالاة بين الايجاب والقبول ، فإنّ استصحاب عدم وقوع القبول في الزمان الذي يتحقّق به الموالاة يكون نافياً لهذا الشرط ، ولكن مع ذلك تكون أصالة الصحّة حاكمة عليه ، إلاّ إذا كان على وجه تكون دائرة الشكّ أوسع من ذلك ، على وجه احتمل التأخّر بمقدار يكون منافياً لصدق العقد ، فإنّه حينئذ لا مورد لأصالة صحّة العقد لعدم إحراز العقدية ، بل بواسطة إحراز ذلك الفاصل بأصالة عدم وقوع القبول فيه تكون المسألة من قبيل إحراز عدم العقدية ، اللهمّ إلاّ أن يرجع في ذلك إلى أصالة صحّة القبول بناءً على أنّها يحرز بها موالاته للايجاب التي هي شرط فيهما ، لكنّها على الظاهر لا تنفع ، لأنّها لا يثبت بها إلاّ الصحّة التأهّلية للقبول ، وكونه بحيث لو تقدّمه الايجاب على الوجه المعتبر من عدم الفاصل المعتد به لترتّب عليه الأثر.
ومن ذلك ما لو شكّ في تحقّق القصد ، فإنّه مع قطع النظر عن الأصل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٦٩.