تقديم أصالة الصحّة على أصالة عدم الانتقال هو بقاؤها بلا مورد لو لم تقدّم عليه. هذا على تقدير كون أصالة الصحّة من الأُصول غير الاحرازية ، وأنّ مفادها منحصر بترتّب الأثر ، أمّا لو قلنا بكونها من الأُصول الاحرازية بمعنى إحراز وجود الشرط المشكوك ، فلا ينبغي الريب في تقدّمها على استصحاب بقاء الملكية السابقة.
ولا يخفى أنّ الأمر في أصالة الصحّة لا ينحصر بهذين الوجهين ـ أعني كونها إحرازية بمعنى إحراز الشرط ، وغير إحرازية بمعنى أنّها لا محصّل لها إلاّ الحكم بترتّب الأثر والنقل والانتقال ـ بل هناك معنى ثالث متوسّط بين هذين الوجهين ، وهو أن نقول إنّها لا تحرز الشرط ، ولكنّها تتضمّن الحكم بالصحّة ، فإنّ الصحّة بنفسها من الأحكام الشرعية الوضعية نظير الحجّية والملكية ، فإذا حكم الشارع على هذا العقد بالصحّة كان من آثار صحّته هو النقل والانتقال.
وعلى كلّ حال ، لا ينبغي الريب في تقدّم أصالة الصحّة على أصالة بقاء الملكية السابقة ، إمّا حكومة كما عرفت ، أو تخصيصاً كما أفاده شيخنا قدسسره من لزوم كونها بلا مورد ، لكن هذا الوجه لا يخلو عن تأمّل ، إذ ليست الصحّة إلاّ التمامية ، وليست هي من الأحكام الشرعية ، فلا يكون محصّل التعبّد بها إلاّ التعبّد بالأثر الشرعي المترتّب عليها.
ولكن هذا كلّه فيما إذا لم يكن في قبالها إلاّمجرّد أصالة بقاء الملكية السابقة أمّا لو كان في قبالها أصل موضوعي حاكم بعدم الشرط المشكوك مثل أصالة عدم ذكر المهر في العقد المنقطع ، ومثل استصحاب عدم وقوع القبول بعد الايجاب الموجب لعدم حصول الموالاة ، ونحو ذلك من الأُصول الموضوعية الجارية في بعض شرائط العقد أو شرائط العوضين أو شرائط المتعاقدين ، فإنّه في غاية