بالبلوغ هو عدم كون العاقد متّصفاً بالبلوغ ، وليس لنا أصل ينفي كون العاقد متّصفاً بالبلوغ ، إذ لا أصل في نفس مفاد كان الناقصة.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أفاده شيخنا قدسسره في هذا التحرير بقوله : كما لا إشكال في أنّ الموضوع إن كان بمفاد كان الناقصة فنقيضه يكون بمفاد ليس الناقصة ، وإن كان بمفاد كان التامّة فنقيضه يكون بمفاد ليس التامّة ، فإنّه لا يعقل أن يكون نقيض مفاد كان الناقصة مفاد ليس التامّة وبالعكس ، لأنّ نقيض كلّ شيء رفعه الخ (١).
فقد ظهر لك أنّ مفاد ليس الناقصة ليس هو بنقيض لمفاد كان الناقصة ، وإنّما نقيض مفاد كان الناقصة هو رفعه ، ورفع مفاد كان الناقصة الذي هو عبارة عن كون العاقد بالغاً إنّما يكون برفع كون العاقد بالغاً لا باثبات كون العاقد غير بالغ الذي هو بمنزلة الموجبة المعدولة المحمول ، ولا بنفي البالغية عن هذا العاقد الذي هو السالبة البسيطة بمفاد ليس الناقصة ، فإنّ نفي البالغية عن هذا العاقد ليس هو رفع كون العاقد بالغاً ليكون نقيضاً لمفاد كان الناقصة.
نعم ، إنّ مفاد عدم البلوغ الذي هو مفاد ليس التامّة لا يكون نقيضاً لمفاد كان الناقصة ، لكن نقيض مفاد كان الناقصة هو نفي مفاد كان الناقصة ، وهو مفاد ليس التامّة أيضاً ، لكنّه ليس بمسلّط على نفس البلوغ ، بل هو مسلّط على كون العاقد بالغاً ، أعني أنّه عبارة عن عدم كون العاقد بالغاً ، وهو مفاد ليس التامّة المسلّط على كون العاقد بالغاً ، وليس هو عبارة عن مفاد ليس الناقصة الذي هو عبارة عن أنّ العاقد ليس ببالغ.
ولا يبعد أن يقال : إنّ هذا الذي جرى عليه شيخنا قدسسره في هذا المقام من كون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٧٥ ـ ٦٧٦.