قوله : المجعول في باب الأُصول العملية وإن كان هو البناء العملي على أحد طرفي الشكّ ، إلاّ أنّه تارة يكون المجعول هو البناء العملي على ثبوت الواقع في أحد طرفي الشكّ وتنزيله على منزلة الواقع ، وأُخرى يكون المجعول مجرّد تطبيق العمل ـ إلى قوله ـ ويدخل في القسم الثاني البراءة والاحتياط وأصالة الحل والطهارة ... الخ (١).
في كون الاحتياط من قبيل ما كان المجعول فيه مجرّد تطبيق العمل على طبق أحد طرفي الشكّ تأمّل ، خصوصاً في الاحتياط الموجب للتكرار ، فإنّ الظاهر أنّه من قبيل تطبيق العمل على كلا طرفي الشكّ ، والأمر في ذلك سهل ، إلاّ أنّ جعل الأُصول التنزيلية من قبيل الأُصول الاحرازية يمكن المنع عنه.
والأولى في التقسيم هو جعل الأقسام ثلاثة : أُصول إحرازية ، وأُصول تنزيلية ، وأُصول لا إحرازية ولا تنزيلية. والأوّل هو الاستصحاب ونحوه من قاعدتي الفراغ والتجاوز وأصالة الصحّة ، والثاني هو قاعدة الحل والطهارة بناءً على كون مفادهما هو تنزيل المشكوك الحلّية منزلة الحلال الواقعي ومشكوك الطهارة منزلة الطاهر الواقعي ، ويقابل أصالة الحل قاعدة الحرمة في الأموال والنفوس والفروج ، بأن يكون مفاد قاعدة الحرمة في الأموال مثلاً هو الحكم على المال المشكوك الحرمة والحلّية بالحرمة ، بأن يقال إنّ كلّ مال هو حرام عليك حتّى تعرف الحلال بعينه.
وعلى كلّ حال ، فإنّ مفاد أصالة الحل هو تنزيل ما هو مشكوك الحلّية منزلة الحلال الواقعي في ترتيب أثر الحلّية حتّى يعرف أنّه حرام ، وهكذا الحال في قاعدة الطهارة ، فيكون مفادهما التنزيل منزلة الحلال الواقعي والطاهر الواقعي ، لا
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٩٢.