العقلية واللوازم الاتّفاقية ، وبذلك تنفرد عن الأمارات فإنّ حجّيتها غير مقصورة على آثار خصوص ما قامت عليه الأمارة ، كما أنّها تنفرد عن الأمارة بكون موضوعها هو الشكّ بخلاف الأمارات ، فهي ـ أعني الأُصول الاحرازية ـ أمارات لكنّها مبتورة الطرفين ، بمعنى أنّ موضوعها مقيّد بالشكّ بخلاف موضوع الأمارات ، والحكم فيها وحجّيتها مقصورة على آثار نفس ما أدّت إليه دون لوازمه غير الشرعية ، وهي من الجهة الأُولى تكون محكومة للأمارة ، ومن الجهة الثانية لا يكون مثبتها حجّة ، ومن حيث إنّها تشترك مع الأمارة في اشتمالها على الكشف النوعي والاحراز الظنّي النوعي وأنّ الشارع أبقى لها ذلك الاحراز تكون حاكمة على بقية الأُصول ، سواء كانت تنزيلية مثل قاعدة الطهارة والحل أو كانت غير تنزيلية مثل قاعدة البراءة والاحتياط ، كما أنّ الأُصول التنزيلية تشارك الأُصول الاحرازية في كونها حاكمة على الأُصول غير التنزيلية ، وتشارك الأُصول غير التنزيلية في كونها محكومة للأُصول الاحرازية ، فتأمّل.
قوله : كطهارة البدن وبقاء الحدث ... الخ (١).
لو توضّأ غفلة بمائع مردّد بين الماء والبول مثلاً ممّا لا تجري فيه قاعدة الطهارة المسوّغة للوضوء لعدم إحراز الشرط الذي هو الإطلاق ، ولا تجري فيه قاعدة الفراغ لفرض انحفاظ صورة العمل ، يكون المرجع هو استصحاب طهارة الأعضاء وبقاء الحدث ، لكنّه لا يمكنه أن يتوضّأ قبل غسل أعضاء وضوئه ، لعلمه بأنّ هذا الوضوء الذي يأتي به لا يكون مأموراً به ، لأنّه إمّا أن يكون على أعضاء نجسة ، أو يكون قد امتثل الأمر بالوضوء ، وحيث إنّه يجب عليه الوضوء للصلاة وهو متوقّف على تطهير أعضائه ، كان ذلك التطهير واجباً عليه من باب المقدّمة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٩٤.