التفصيلي بخلاف ما يتعبّد به الذي هو مؤدّى للأصلين ، أمّا إذا حصل العلم بخلاف نفس التعبّد بالأصلين ، ولم يكن خلاف ما يتعبّد به فيهما معلوماً تفصيلاً ، فلا مانع من جريانهما ، غايته أنّه يعلم تفصيلاً بعدم مطابقة التعبّدين للواقع ، للملازمة بين بقاء الحياة ونبات اللحية ، فيكون التعبّد بعدم نبات اللحية وبقاء الحياة موجباً للتفكيك بين المتلازمين ، وهذا إنّما يمنع من جريان الأصلين إذا قلنا بحجّية الأصل المثبت ، لأنّ مقتضى التعبّد ببقاء الحياة حينئذ هو الحكم بنبات اللحية ، ومقتضى التعبّد بعدم نباتها هو الحكم بعدم بقاء الحياة ، فيكون كلّ واحد من الأصلين منافياً لما يقتضيه الآخر ، فلا يمكن إجراؤهما معاً.
أمّا إذا قلنا ـ كما هو المختار ـ بأنّ الأصل لا يكون مثبتاً ، فلا يكون مقتضى أحد الأصلين منافياً لمقتضى الأصل الآخر ، فإنّ التعبّد ببقاء الحياة لا يترتّب عليه الحكم بنبات اللحية ، والتعبّد ببقاء عدم نباتها لا يترتّب عليه الحكم بعدم بقاء الحياة. وهكذا الحال في المثال المتقدّم ، فإنّ التعبّد ببقاء الحدث لا يترتّب عليه الحكم بنجاسة الأعضاء ، والتعبّد ببقاء طهارة الأعضاء لا يترتّب عليه الحكم بارتفاع الحدث ، فلا يكون في البين مانع من جريان كلا الأصلين.
قلت : والأولى أن يقال : إنّ المانع هو العلم التفصيلي بخلاف الأصلين ، وفي هذه الأمثلة لم يكن علم تفصيلي على خلاف التعبّد بالأصلين ، كما أنّه لم يكن فيها علم تفصيلي على خلاف ما يتعبّد به. وهذا أولى ممّا يظهر منه قدسسره من حصر المانع بكون العلم التفصيلي على خلاف ما يتعبّد به ، وتسليم حصول العلم التفصيلي في هذه الأمثلة على خلاف نفس التعبّد ودعوى كونه غير مانع ، فتأمّل.
والذي يتلخّص من الفرق هو أنّ طرفي العلم الاجمالي إن كان بينهما قدر جامع يكون هو المعلوم التفصيلي ، لم يمكن جريان الأصل في كلّ واحد من