نعم ، لولا المخالفة القطعية لأمكن القول بأنّ التعارض بين استصحاب [ الطهارة من ] الحدث واستصحاب طهارة الثوب لا يوجب سقوط قاعدة الطهارة فيه ، لأنّ الموجب لسقوط الاستصحابين هو كونهما إحرازيين ، وذلك غير متحقّق في قاعدة الطهارة ، فراجع ما حرّرناه في التنبيه التاسع من تنبيهات الاستصحاب (١).
ولا يخفى أنّا لو قلنا بسقوط قاعدة الطهارة في ذلك ، لم يكن استعمال الثوب فيما يشترط فيه الطهارة جائزاً ، لعدم المسوّغ حينئذ لذلك.
ولو دار الأمر بين الحدث وتطهير الثوب ، جرى فيه استصحاب الطهارة من الحدث واستصحاب نجاسة الثوب ، ولا مانع منهما ، لعدم رجوع ذلك التردّد إلى العلم التفصيلي بالقدر الجامع ، إذ لا جامع بين الحدث وتطهير الثوب.
ثمّ لا يخفى أنّه لا يرد النقض على القائلين بجريان الأُصول الاحرازية إذا لم يكن جريانها مستلزماً للمخالفة القطعية ، بمسألة تعاقب الحالتين الطهارة والنجاسة على الثوب أو الغسل والجنابة مثلاً مع الشكّ في المتقدّم والمتأخّر منهما ، بتقريب أنّه ليس في البين تكليف معلوم بالإجمال كي [ يكون ] جريان الأصلين المذكورين معاً موجباً للمخالفة القطعية لذلك التكليف المعلوم بالاجمال ، وحينئذ يكون الاستصحابان في هذه المسألة مثل استصحاب النجاسة في كلّ من الاناءين المسبوقين بالنجاسة مع العلم الاجمالي بتطهير أحدهما في جريان كلّ من الأصلين.
وبيان عدم ورود النقض المذكور عليهم ، هو أنّ ما ذكروه من حصر المانع من جريان الأُصول ولو كانت إحرازية باستلزام المخالفة القطعية مقيّد بما إذا كان
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد العاشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٣٧ وما بعدها.