قوله : ثمّ لا يخفى عليك أنّ المراد بالرافع في المقام ما يقابل المانع لا ما يقابل المقتضي ، فإنّ الرافع يستعمل في معنيين ، أحدهما ... الخ (١).
قال قدسسره فيما حرّرته عنه : ومرادنا بالرافع في المقام هو الأمر الوجودي الذي يكون هادماً لأثر المقتضي فيكون بمنزلة المانع ، غير أنّ المانع يكون مزاحماً للمقتضي في تأثيره ، فتكون مرتبته قبل التأثير ، والرافع المراد في هذا المقام يكون أمراً وجودياً رافعاً لأثر المقتضي وهادماً لتأثيره ، فتكون مرتبته بعد تأثير المقتضي أثره ، وهذا بخلاف الرافع فيما تقدّم في المختار من عدم جريان الاستصحاب في مورد الشكّ في المقتضي وجريانه في خصوص الشكّ في الرافع ، فإنّ المراد بالرافع في ذلك المقام ما هو الأعمّ منه في هذا المقام ، فالمراد به في ذلك المقام في مقابل الشكّ في المقتضي الذي عرفت أنّه عبارة عن كون الموجود بحسب عمود الزمان مرتفعاً بنفسه ، من دون أن يكون في البين حادث وجودي أو انعدام موجود ، والمراد بالرافع المقابل له هو كون الموجود باقياً في عمود الزمان لو لم يحدث في الكون حادث وجودي أو انعدام موجود ، فذلك الحادث الكوني عدمياً كان أو وجودياً يكون رافعاً للحادث السابق. مثال الأمر الوجودي الحدث بالنسبة إلى الطهارة منه ، ومثال الأمر العدمي انعدام التغيير بالنسبة إلى نجاسة الماء المتغيّر بالنجاسة ، فإنّ الشكّ في بقاء النجاسة في مثل ذلك يكون من قبيل الشكّ في الرافع لا من قبيل الشكّ في المقتضي ، انتهى.
قلت : فيكون الضابط في الشكّ في المقتضي هو أن يكون الموجود السابق مشكوك البقاء ولو لم يحدث حادث من الحوادث الكونية من وجود معدوم أو انعدام موجود ، بل كان الشكّ في بقائه في عمود الزمان ممحضاً من جهة ذاته
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧٧ ـ ٥٧٨.