مسامحياً لا يكون ما يتشخّص به من الموضوع إلاّموضوعاً لحكم مسامحي ، ثمّ أجاب عنه بما حاصله : أنّه وإن لم يكن له أثر في استكشاف الحكم الشرعي ولا في موضوعه ، إلاّ أنّ له أثراً في صدق لا تنقض اليقين ، فراجع.
ولا يخفى أنّ المرحلة إذا كانت مرحلة تشخيص موضوع الحكم الشرعي فلا مسرح فيها لحكم العقل ، وأنّه لا وجه للمقابلة بين ما يفهمه العرف من لسان الدليل وبين ما يفهمونه بحسب ذوقهم ، أمّا مجرّد الخيال غير الواصل إلى حدّ القرينة المتّصلة أو المنفصلة ، فذلك لا عبرة به في تشخيص الموضوع ، ولا يؤثّر في صدق النقض ، لأنّه إنّما يتحقّق النقض بعد الاتّحاد بين الموضوعين ، وذلك إنّما يكون بعد إحراز موضوع القضية المتيقّنة ، وينبغي التأمّل في قوله : فالشخص بما هو عاقل برهاني يقطع بثبوت الحكم لموضوع خاصّ واقعاً ، وبما هو من أهل فهم الكلام يقطع بثبوت الحكم لموضوع آخر متخصّص بخصوصية أُخرى ، وبما ارتكز من المناسبات في ذهنه وبطبعه يقطع بثبوت الحكم لموضوع ثالث مثلاً ، فيقع الكلام حينئذ في أنّ الخطاب المتكفّل لحكم الاستصحاب متوجّه إليه بما هو عاقل بالعقل النظري البرهاني ، أو بما هو من أهل المحاورة واستفادة مفاد الدليل ، أو بما هو لو خلّي وطبعه يرى الحكم ثابتاً لموضوع مخصوص ، وسيأتي إن شاء الله تعالى تعيين الأخير الخ (١).
ولكن ينبغي الوقفة قبل الوصول إلى درجة تطبيق قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » ولننظر إلى حالنا أو حال ذلك العاقل البرهاني الذي حصل له القطع بأنّ موضوع الحكم الشرعي هو الخاصّ الخ ، فقد تثلّث موضوع ذلك الحكم الشرعي عنده ، وهو قاطع بكلّ من الثلاثة ، فهل بقي على هذا الحال من
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٢٣٣.