التناقض ، أو أنّ ما أحاط بذلك العاقل من عقل برهاني وفهم لساني وذوق طبعي استحساني قد غلب بعضها على بعض ، أو أنّه لا تناقض بين هذه الاقطاع ، وليست لي قدرة على الجواب عن هذه الأسئلة.
فلنعد إلى ما كنّا فيه فنقول : إنّك قد عرفت ما أفاده شيخنا قدسسره فيما قدّمنا نقله عنه. ثمّ إنّه قدسسره أفاد بعد ذلك ما حاصله حسبما حرّرته عنه : أنّه لو كان الدليل لبّياً كالإجماع أو العقل كان الرجوع أيضاً إلى القرينة المذكورة ، ولكنّه ليس رجوعاً إليها في تحقّق مصداق « لا تنقض » ، بل يكون رجوعاً إليها في صدق « لا تنقض » ، بمعنى أنّ مفهوم النقض يشكّ في صدقه على هذا المورد ، وتكون تلك القرينة ـ أعني مناسبة الحكم والموضوع ـ موجبة للتصرّف في دليل الاستصحاب أعني « لا تنقض » ، وحاكمة بصدقه على المورد.
والحاصل : أنّه ليس الرجوع هنا إلى الفهم العرفي بواسطة هذه القرينة رجوعاً إلى الفهم العرفي من لسان الدليل ، إذ ليس في البين دليل لفظي ، ولا أنّ العرف يكون شارحاً لحال القيد وأنّه علّة في الحكم لا قيد في موضوعه ، لأنّه لا مسرح للعرف في ذلك ، بل هو رجوع إلى العرف في صدق « لا تنقض » على المورد ، وحينئذ يكون المقام من الشبهة الصدقية لا المصداقية ، انتهى ما حرّرته عنه قدسسره.
قلت : لا يخفى أنّ هذه القرينة ـ أعني مناسبة الحكم للموضوع ـ إن صحّ الاعتماد عليها في الأحكام الشرعية ، كانت حاكمة بأنّ الحكم الثابت بالدليل اللبّي يكون موضوعه عارياً من ذلك القيد ويكون القيد علّة للحكم ، كما أنّها حينئذ تكون حاكمة على الدليل اللفظي ومقدّمة عليه ، وحينئذ تكون الشبهة بالنسبة إلى عموم « لا تنقض » مصداقية ، بمعنى أنّ المورد يكون مصداقاً لعموم « لا تنقض »