ويحكّم فيه العموم المذكور مطلقاً سواء كان دليل الحكم لفظياً أو كان لبّياً ، وتكون تلك القرينة محقّقة لمصداق « لا تنقض » ، غاية الأمر أنّه لو كان لنا دليل لفظي ظاهره هو القيدية ، كان بواسطة تلك القرينة محمولاً على خلاف ظاهره ، ولو لم يكن لنا دليل لفظي كانت تلك القرينة مبيّنة لأنّ القيد علّة للحكم لا أنّه قيد للموضوع ، وإن لم يصحّ الاعتماد على القرينة المذكورة لم يمكن تحكيمها على اللفظي كما لا يمكن إعمالها في مورد الدليل اللبّي.
وعلى أي حال ، فهذه القرينة لا يصحّ إعمالها في نفس « لا تنقض » ، بل إنّ « لا تنقض » من قبيل الكبرى يتوقّف تحقّق صغراها على إعمال هذه القرينة في نفس الموضوع والحكم والقيد ، غاية الأمر أنّه لو وجد دليل لفظي ظاهره خلافها كان اللازم صرفه إليها ، لكون القرينة مقدّمة على ذي القرينة ، ولو لم يوجد في قبالها دليل لفظي كانت هي الحاكمة بنفسها.
ثمّ إنّي قد حرّرت عن شيخنا قدسسره جملة أُخرى لا بأس بنقلها وحاصلها : هو أنّ الشيخ قدسسره ذكر في هذا الأمر فروعاً أعرضنا عنها إلاّفرعاً واحداً لا بأس بالتعرّض له ، وهو مسألة الاستحالة في النجاسات والمتنجّسات ، فنقول : إنّ التغيير الطارئ تارةً يكون موجباً لتبدّل الصورة العرضية فقط مع بقاء الصورة النوعية بحالها ، كما في مثل تبدّل الخمر خلاً ، ومثل هذا التغيير لا يكون موجباً لزوال حكم النجاسة إلاّفي مورد خاصّ وهو المثال المذكور ، فإنّه ثبت فيه زوال النجاسة بالنصّ (١).
وأمّا إذا كان التغيير الطارئ موجباً لزوال الصورة النوعية مع بقاء المادّة الهيولانية ، كما في صيرورة الكلب ملحاً ونحو ذلك ممّا تزول فيه الصورة
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ٢٥ : ٣٧٠ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١.