النوعية ، فالمشهور فيه زوال النجاسة بالتغيّر المذكور ، والخلاف في ذلك ضعيف ، والسرّ في زوال النجاسة بذلك هو أنّ النجاسة طارئة على الصورة النوعية ، وبزوالها تزول النجاسة. وأمّا المادّة الهيولانية التي هي القدر المشترك بين الأصل ـ أعني ذات الكلب التي هي الصورة النوعية ـ وبين الفرع المستحال إليه أعني الملح ، فلا يعقل اتّصافها بالنجاسة ، لأنّها أمر عقلي محفوظ بين الصورتين ، ولو فرض معقولية اتّصافها بالنجاسة فإنّما هو بالتبع إلى ما حلّت فيه من الصورة النوعية أعني الكلب ، فبزوال تلك الصورة النوعية يزول الحكم التبعي المذكور ، أعني النجاسة اللاحقة للمادّة الهيولانية.
وأمّا تغيّر المتنجّس فهو محلّ الخلاف بين الافراط والتفريط ، فقيل بأنّ الانقلاب مطلقاً يكون موجباً لزوال الحكم المذكور ولو بتبدّل الصورة العرضية كما في صيرورة الحطب فحماً ، فضلاً عن تبدّل الصورة النوعية كما في صيرورة الحطب رماداً أو دخاناً. وقيل بأنّ الانقلاب مطلقاً لا يكون موجباً لزوال الحكم المذكور ولو كان بتبدّل الصورة النوعية فضلاً عن تبدّل الصورة العرضية.
والتحقيق : أنّه لا فرق بين النجس والمتنجّس فيما تقدّم ذكره من أنّ التبدّل للصورة العرضية لا يكون موجباً لزوال الحكم ، وتبدّل الصورة النوعية يكون موجباً لزواله.
أمّا الأوّل فلعين ما عرفت في تبدّل الصورة العرضية في النجس من أنّ الحكم لم يكن قائماً بالصورة العرضية ، وإنّما كان قائماً بالصورة النوعية أعني الذات ، وما دامت تلك الصورة النوعية محفوظة لم يكن الحكم مرتفعاً ، ولو فرض حصول الشكّ في بقاء الحكم مع تبدّل الصورة العرضية لكان الاستصحاب جارياً ، لما يراه العرف من قيام الحكم الذي هو النجاسة بالذات نفسها لا بصورتها