اختلفوا في أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أولا؟ على قولين (١) ، ستعرف الحقّ منهما.
وقبل الخوض في المطلب ينبغي رسم امور :
الأوّل : الظاهر أنّ البحث هذا إنّما هو في اقتضاء الإتيان بالمأمور به عقلا الإجزاء ، فليس البحث من الأبحاث اللغويّة التي يطلب فيها تشخيص مدلول اللفظ وضعا أو انصرافا (٢) ، فيعمّ البحث ما إذا كان الأمر مستفادا من الإجماع ونحوه من الأدلّة الغير اللفظيّة ، ويشهد لذلك ملاحظة أدلّة الطرفين.
قلت : ويمكن توجيه البحث على وجه يرجع إلى الأبحاث اللفظيّة ، كأن يقال : إنّ الماهيّات التي تقع موردا للأمر على قسمين : فتارة يكون الوجه الذي يدعو إلى طلبها والأمر بها على وجه لا يسقط بالإتيان بها دفعة واحدة ، واخرى على وجه يسقط عند الإتيان بها مرّة واحدة ، فيمكن أن يكون النزاع في أنّ هيئة الأمر هل هي موضوعة للطلب المتعلّق بالقسم الأوّل أو القسم الثاني؟
ويؤيّد ذلك ما قد تمسّك للقول بعدم الإجزاء بمثل الأمر بالزيارة والأمر بالصلاة بعد معلوميّة أنّ حسن الزيارة والصلاة ممّا لا يسقط بالإتيان بها مرّة ، ولكنّه مناف لظاهر لفظ « القضاء » أو « الإعادة » ونحوهما ممّا هو متداول في ألسنة أرباب القول بعدم الإجزاء ، كما حكي عن أبي هاشم وعبد الجبّار (٣) ، على ما ستعرفه.
__________________
(١) انظر تفصيل ذلك في مفاتيح الاصول : ١٢٦.
(٢) في « ط » بدل « انصرافا » : « غيره ».
(٣) حكاه عنهما العلاّمة في نهاية الوصول : ١٠٧.