وأفسد من ذلك ما لو اريد التدارك على وجه يعمّ القضاء في خارج الوقت والإعادة فيه ؛ إذ الإعادة بالمعنى المعروف من لوازم نفس الأمر الأوّل ووجوده ، بخلاف القضاء ؛ إذ يحتمل ثبوته بالأمر الجديد دون الأمر الأوّل ، فالمفسدة اللازمة على القول بوجوب الإعادة من ـ خلاف الفرض ـ آكد منها على القول بوجوب القضاء.
والأولى صرف عنان البحث إلى ما هو أهمّ : من تحقيق مطلب النافين ، فنقول :
إنّ الأمر إمّا أن يكون واقعيّا أو ظاهريّا.
وعلى الأوّل : إمّا أن يكون ثابتا في حالة الاختيار أو واقعا في حالة الاضطرار.
وعلى الثاني : إمّا أن يكون عقليّا أو شرعيّا.
فهذه أقسام أربعة ، في بعضها يجب أن يكون الإتيان بالمأمور به مقتضيا للإجزاء ويمتنع عدمه ، وفي بعض آخر يمتنع اقتضاؤه الإجزاء ويجب عدمه ، وفي بعضها يمكن الاقتضاء وعدمه ، فتارة مع وقوع ذلك بواسطة قيام دليل على الإجزاء ، واخرى مع عدمه.
أمّا القسم الذي يجب اقتضاؤه الإجزاء ، فهو الأمر الواقعي الاختياري ، كالأمر بالصلاة في حالة الاختيار مع الطهارة المائيّة مستجمعا لجميع ما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط ، فإنّه يجب اقتضاؤه الإجزاء ؛ إذ لو لم يقتض ، فإمّا أن يكون بواسطة خلل في المأتيّ به والمفروض خلافه ، أو بواسطة أمر آخر يقتضي الإتيان بالفعل ولو لم يكن بعنوان التدارك ـ إذ اقتضاء الأمر الأوّل لذلك ظاهر البطلان ـ وهو أيضا مفقود لا يصغى لمدّعيه لا عقلا ولا نقلا ، وعلى تقديره فليس من محلّ الكلام ؛ لأنّ محلّه وجوب الإتيان به ثانيا ، كما نبّهنا عليه.