ونظير ذلك : إذا صلّى الإمام في الثوب النجس تعويلا على أصالة الطهارة ، فصحّة صلاة المأموم يحتمل تفرّعها على علم الإمام بصحّة صلاته ، ويحتمل تفرّعها على صحّتها في الواقع ، فعلى الأوّل لا وجه للإعادة مطلقا ؛ لحصول ما هو الوجه في الصحّة واقعا ، وعلى الثاني لا بدّ من القول بالإعادة إذا لم نقل بأنّ الصلاة في الثوب النجس تعويلا على استصحاب الطهارة صحيحة في الواقع بحيث لا يجب إعادتها لو انكشف نجاسته في الوقت ، وأمّا إذا قلنا بذلك فتصحّ صلاة المأموم قطعا ؛ لأنّ شرط صحّة الاقتداء صحّة صلاة الإمام واقعا ، وهي حاصلة على هذا. ولذا فرّع العلاّمة صحّة صلاة المأموم في الفرض على ذلك (١).
وبالجملة : فكلّ ما كان من آثار العلم بالواقع فهو مترتّب على العمل بالأمارة ، وكلّ ما هو من آثار الواقع فلا وجه لترتّبه على العمل بعد الكشف.
وهذا هو المراد من القول بإمكان الإجزاء في صورة التخلّف في الأحكام الظاهريّة الشرعيّة ، إلاّ أنّ ذلك غير خال عن المسامحة.
وأمّا تمييز ذلك ومعرفة أنّ الحكم من الأحكام المتفرّعة على العلم أو من الآثار المترتّبة على الواقع ، فلا بدّ في ذلك من الرجوع إلى ما يفيد ذلك الحكم من الأدلّة ، فإن استظهرنا من الدليل تفرّعه على العلم فيحكم بالإجزاء ، وإن استكشفنا منه ترتّبه على الواقع فلا وجه للقول بالإجزاء. وذلك كلّه ظاهر.
إنّما الإشكال في أنّ جعل الطرق الظاهريّة ، على أيّ وجه من الوجهين المعلومين؟ فنقول : إنّ الظاهر هو الوجه الثاني ؛ فإنّ مقتضى الأدلّة الدالّة على حجّية تلك الطرق هو مراعاة الواقع ، فلا تكون هذه الأمارات في عرض الواقع ، بل المستفاد منها أنّها طرق إليه عند الجهل ، إمّا مطلقا من دون تقييدها بالفحص
__________________
(١) انظر قواعد الأحكام ١ : ٣١٨.