وبما ذكرنا يظهر اندفاع ما عسى أن (١) يتوهّم : من أنّ وجود المصلحة في موارد الطرق لا ينافي وجوب الفحص عن الأحكام الواقعيّة ؛ لإمكان اشتراط وجودها بالفحص.
ووجه الاندفاع : أنّه لا وجه لذلك الاشتراط بعد عدم الاعتناء بالواقع ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، فقد عرفت فيما تقدّم : أنّ لازم الطريقيّة هو عدم الإجزاء ، ولازم الموضوعيّة هو الإجزاء.
وقد ظهر بذلك وجه القول المختار : من عدم الإجزاء في الأوامر الظاهريّة الشرعيّة عند التخلّف عن الواقع فيما إذا كان الوقت باقيا ؛ لبقاء الأوامر الواقعيّة بحالها ، والطريق بعد تخلّفه عن الواقع وانكشاف ذلك في الوقت ممّا لا دليل على اشتماله على مصلحة متداركة ، فإنّ قضيّة اللطف ونقض الغرض في التكاليف الواقعيّة لا تزيد على التزام وجود المصلحة في جعل الأمارة حجّة فيما إذا لم ينكشف الخلاف مع عدم المطابقة واقعا ، وأمّا مع انكشاف الخلاف فلا دليل على وجود المصلحة في الطريق ؛ إذ المفروض بقاء الوقت ، ولا حاجة إلى تكليف جديد ، فيكفي في تحصيل المصلحة وجود الأمر الواقعي المعلوم ـ كما هو المفروض ـ فلا يلزم تفويت منه ، كما أنّه لا دليل على ذلك مع المطابقة.
هذا كلّه مع إمكان الوصول إلى الواقع.
وأمّا مع تعذّره ـ كما في صورة الانسداد ـ فجعل الطريق لا دليل على اشتماله على المصلحة ؛ إذ يكفي في جعل الطريق وكونه حسنا كونه مطابقا للواقع في الأغلب ، فعند التخلّف عن الواقع من دون الكشف أيضا لا دليل على وجود المصلحة في العمل بالطريق ؛ لعدم استناد التفويت إليه تعالى ، فلا يلزم خلاف اللطف.
__________________
(١) لم يرد « عسى أن » في « ع » و « م ».