ومن هنا ذكرنا في مباحث الظنّ : أنّ كلام المانع من العمل بالخبر (١) الظنّي لو اختصّ بصورة الانفتاح فله وجه (٢) ، ولا بدّ في دفعه من التزام وجود المصلحة في الطريق على وجه يساوي مصلحة الواقع عند التخلّف ـ كما عرفت في الوجهين السابقين ـ وإنّ عمّ كلامه صورة الانسداد فلا وجه له ؛ إذ المفروض عدم إمكان الوصول إلى الواقع ، فيكفي في الجعل كون المجعول غالب المطابقة.
هذا كلّه بالنسبة إلى الإعادة ، فإنّ قضيّة القواعد عدم الإجزاء عنها ، ولا بدّ من الإعادة عند الكشف القطعي ، مضافا إلى دعوى الإجماع في ذلك عن كاشف الغطاء (٣) ، ولعلّه الظاهر.
وأمّا القضاء ، فإن قلنا بأنّه تابع للأمر الأوّل من دون حاجة إلى بيان زائد عليه ، فلا إشكال في وجوبه أيضا ؛ لأنّه حينئذ كالإعادة ، غاية الأمر أنّ المكلّف بواسطة التأخير آثم عند العلم ، وبدونه لا بدّ من التدارك عند الانفتاح ـ كما عرفت ـ ولكنّه لم يسقط عنه الواجب.
وكذا لو قلنا بأنّ أدلّة « القضاء » قرينة عامّة على بقاء الأمر الأوّل (٤) بعد الوقت ، كما أنّ أدلّة « الميسور » حاكمة على أدلّة المركّبات الشرعيّة ؛ إذ لا ينبغي الإشكال حينئذ في وجوب القضاء ، إذ على تقدير بقاء الأمر الأوّل لا يلزم التفويت منه تعالى ، إلاّ أنّه يلزم التدارك فيما لا يصل إليه المكلّف من إيقاع الفعل في الوقت تعويلا على الطريق واتّكالا على الأمارة.
__________________
(١) في « ع » زيادة : « الواحد ».
(٢) راجع فرائد الاصول ١ : ١٠٨ ـ ١١٠.
(٣) لم نعثر عليه حسب تتبّعنا.
(٤) لم يرد « الأوّل » في « ع » و « م ».