وأمّا لو قلنا بأنّ أدلّة « القضاء » إنشاء أمر جديد من دون أن تكون حاكمة على أدلّة الواجبات الموقّتة ـ كما هو الظاهر من لفظ « الفوت » المأخوذ في تلك الأدلّة ـ :
فيحتمل القول بالإجزاء ؛ إذ الفوت إنّما يصدق مع عدم وصول المصلحة والمنفعة إلى المكلّف ، وحيث إنّ ترك الواقع في المقام مستند إلى الاعتماد على الأمارة والركون إليها ، فيجب التدارك منه تعالى وإيصال المصلحة إلى العبد ، ومع ذلك فلا فوت.
ويحتمل القول بعدم الإجزاء ؛ فإنّ وجوب القضاء مستند إلى أمر جديد دائر مدار ترك المأمور به واقعا ، وذلك معلوم فيما نحن بصدده. وأمّا حديث إيصال المصلحة إلى العبد ـ فبعد صدق الترك الموجب لوجوب القضاء لأجل (١) تدارك المتروك ـ فلا دليل عليه.
وممّا ذكرنا يتّضح فساد القول بالإجزاء في الأوامر الظاهريّة الشرعيّة.
وأوضح فسادا من ذلك ما قد يتراءى (٢) من البعض في المباحث الفقهيّة (٣) من الاحتجاج على ذلك :
تارة : بأصالة البراءة عن حكم آخر.
واخرى : باستصحاب عدم وجوب الإعادة ، مضافا إلى المنع من شمول أدلّة الأحكام الواقعيّة للجاهل العامل بالطرق الشرعيّة ، مستندا في ذلك إلى اختصاص الخطابات الشفاهيّة بالمشافهين ، والإجماع على الاشتراك ـ بعد وجود الخلاف في الإجزاء وعدمه ـ غير موجود.
__________________
(١) كذا صحّحنا ، وفي « ط » بدل « لأجل » : « لأصل » ، وفي « م » : « لا قصد ».
(٢) في « ع » و « م » بدل « يتراءى » : « ترى ».
(٣) لم يرد « المباحث الفقهيّة » في « م ».